ذكر في خطه الاسكندرية سنة خمس وأربعين وخمسمائة ، وقدم أبوه من نفيس كما زعم في طائفته وفد الحاج في سنة عشرين وخمسمائة ، ولم يثبت له ولا لوالده قط اسم في جرائد الأشراف بمصر ، ولا نسب ولا شهدت بينة بصحة الحسب ، ولو شهدت لما ثبت منتماه ، إذ لا دليل يقوم على وصلته في دعواه ، وسيأتي بيانه وشرحه وبرهانه ، ولم يأخذ قسما ، ولا حاز رسما لا في نقابتي ونظري ، ولا قبل نظري ، وقد كان أمري في نظر الأنساب وتذييل الأعقاب مذ سنة سبع وأربعين وخمسمائة ، وللمذكور إذ ذاك من العمر سنتان ، فلم يكن لأبيه ولا له في رهطهم ثبوت في المنتسبين ، بل كان أمرهم يجري مجرى أمثالهم من الأدعياء (١٨٤ ـ و) المسببين ، ولم تزل المغاربة والتجار من القادمين الى الديار المصرية من السفر يذكرون أنهم من الدعيين الى من ادعوه بالجوار على ما تقدم من القول في الطوائف والأنفار.
قال : ثم سافر هذا الدعي إدريس الى دمشق في سنة اثنتين وستين وخمسمائة وكان بها إذ ذاك خاله البرهان التلمساني المحنك ، ثم سافر خاله الى الغرب ، وسافر هو الى حمص في سنة ثمان وخمسمائة كما ذكره في خطه.
وقد كان استعار شيئا من كتاب النسب للزيدي المنعوت (بالنزهة) وكتب منه ونسخ فمسخ ، وصار يتحدث ويقول ، ويزيد وينقص في الفضول ، فتنبه عليه أشراف دمشق وعلى كذبه ومحاله ، وزيفه وانتحاله ، فجرت بينه وبينهم محاورات ، فخرج هاربا منهم الى حلب ، وتسبب كل سبب الى ان تصاهر عند آل الناصر الرسبيين واستترت حاله ، واكتتم عن كثير من الناس محاله.
وكان قبل ذلك قد كتب إلي الى مصر من دمشق كراسة بذكر ما يدعيه ، وشرح أموره بما لا يسمعه منه سامع التحقيق ولا يعيه ، ولما قدر الله سبحانه توجهي الى حلب من عسكر السلطان صلاح الدين أبي المظفر بن يوسف بن أيوب بعد حضوري معه فتح عسقلان ، والقدس ، واللاذقية ، وصهيون ، وجبلة ، وانطرسوس ، وغزاة طرابلس ، فكان وصولي الى حلب في شهر (١٨٤ ـ ظ) رجب سنة أربع وثمانين وخمسمائة ، وكنت قد تقدمت السلطان عن إذنه وهو محاصر برزية عن وجع أصابني وألم أنابني ، وكان النقيب إذ ذاك بها الشريف أمين الدين أبا طالب أحمد بن محمد ابن جعفر الحسيني الإسحاقي ، فلم أشعر به إلا وقد أتاني ماشيا الى الباب الذي