ما ألقيت في هذا الشهر درسا ، ولا لي فيه واجب ، ردها لى الخزانة ، فردها ولم يأخذها.
قال أبو المحاسن : وكان ـ يعني الفقيه أبا الفتح ـ يدخل على أبي يزوره ، وكان أبي يزوره ، وكان أبي فقيرا ، وكان الفقيه يريد بذلك وجه الله ، وابتغاء مرضاته ، تبركا بالفقراء وتواضعا لهم ، وحسن ظن فيهم مع جلالة قدره وعلمه ، وكان كلما دخل على أبي ينشده :
يا بومة القبة الخضراء قد أنست |
|
روحي بروحك إذ يستبشع البوم |
زهدت في زخرف الدنيا فأسكنك |
|
الزهد الخراب فمن يذممك مذموم |
قال أبو المحاسن : وحدثني عنه رجل من فقهاء بغداد قال : سافر الشيخ أبو الفتح في طلب العلم الى خراسان سفرة طويلة ، ثم رجع الى بغداد وليس (١٦٤ ـ و) معه غير كتبه وثيابه ، فوضعها في بيت من الخان ، ثم دخل الى شارعهم فدخل الدرب الذي كان أهله فيه ، فجلس في مسجد وسأل عن أهله ، فأخبروه أنه لم يبق منهم في ذلك الدرب أحد ، فجال مع الفقيه الذي هو قاضي الشارع فتكلما في مسألة ، واختلفا فيها ، فلما رأى خصمه على نفسه الغلبة ، وقهره الشيخ أبو الفتح بالحجّة قال : والله لو أنك أبو الفتح ابن الصائغ ما سلمت اليك ، فقال : يا أخي أنا أبو الفتح ابن الصائغ فقام اليه واحترمه.
توفي أبو الفتح ابن أبي الوفاء إمام الحنابلة بحرّان في سنة خمس وسبعين وخمسمائة ، نقلت ذلك من خط الخطيب عبد الغني بن تيميه ، وذكر لي أنه نقله من خط أبي المحاسن بن سلامة بن غرير (١) الحراني.
أحمد بن أبي يحيى ، أبو بكر الفقيه :
حدث بأنطاكية عن أبي الأخيل خالد بن عمر السّلفي روى عنه اسماعيل بن يحيى الحراني.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال : أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال : أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال : أخبرنا أبو القاسم
__________________
(١) ذكر من قبل «ابن خليفة».