وإن من أرفعهم نفسا وقوما ، وأنفعهم أمسا ويوما أخي ووليي في الله سبحانه الشيخ الأجل الرئيس الحسيب ، العالم الحبر ، الفاضل ، صفي الدين أبو الرضا أحمد بن هبة الله بن أحمد بن علي بن قرناص ، فهو المتوحد في العصبية للعصبة العلمية ، والفئة الأدبية ، في عصر صحت سماؤهم ، وكشطت أسماؤهم ، وأوسعوا جفا وخسرا ، وأرهقوا من أمرهم عسرا.
فهو المهدي إلى نفائس الصنائع ، المعني بتوضيع المتكبّر ، وتكبير المتواضع ، فأجزل الله له المواهب ، وأحمد العواقب ، وصرف عن علائه الشوائب ، ووقاه مكروه النوائب.
وإني لما هاجرت من المغارب القصيّة الى حرم المملكة النورية ، أهابت بي الأقدار الى معاسف أوسعتني بهرا (١) وأرتني السهى ظهرا ، فبتنا أحن إثر الصبر المزايل وأنوء تنواء الفصال الهزايل (٢) ، تداركني الله ، وله الحمد ، من أخي ووليي في الله ، الحبيب الرئيس الحبر صفي الدين بمظنّة مرتاد ، وأظفرني بقرة عين وطمأنينة فؤاد وأضافني إلى جار كأبي دؤاد (٣) ، فرأيت أن أتحفه بهذا الكتاب المطرز بحميد ذكره ، الخطيب بارتفاع قدره واتساع فخره.
قرأت بخط أبي الرضا أحمد بن هبة الله بن قرناص : ولدت يوم الخميس عاشر ذي القعدة من سنة عشر وخمسمائة. (١٠٦ ـ ظ).
أنشدني الشيخ الزاهد أبو الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص إملاء من لفظة قال : أنشدنا والدي أبو البركات هبة الله قال : أنشدني أبي أحمد بن هبة الله لنفسه أبياتا كتبها إلى عز الدين بن عبد السلام :
إن أكن مهملا لما هو فرض |
|
من موالاة خدمة أو كتاب |
فلما قد لقيته من زمان |
|
لم يزل بي مقصرا عن طلابي |
واعتمادي فيه على حسن ظن |
|
في الموالاة بي وفي الأغباب |
وعلى ما يجنه القلب من صدق |
|
ولاء معول الأحباب |
__________________
(١) أي إلى مظالم أو مصاعب أو صلتني الى انقطاع النفس. القاموس.
(٢) أولاد الناقة إذا فصلوا عن أمهم. القاموس.
(٣) انظر أمثال أبي عبيد : ٢٤٢.