الجانب الشرقي ، فعبأ الجيوش بباب الشماسية ، وكان أمير المؤمنين قد عزم على أن يدخل القرمطي بغداد مصلوبا على دقل (١) ، والدقل على ظهر فيل ، وأمر بهدم الطاقات التي يجتاز بها الفيل اذ كانت أقصر من الدقل ، ثم استسج ذلك ، فعمل له دميانة غلام يازمار كرسيا ارتفاعه ذراعان ونصف ، وأجلسه عليه ، وركب الكرسي على ظهر الفيل ، فدخل أمير المؤمنين مدينة السلام صبيحة يوم الاثنين مستهل ربيع الأول في زي حسن ، وتعبئة جيش كثيف ، وآلة تامة ، وسلاح شاك ، بين يدي القرمطي على جمل فالج ، وعليه دراعة حرير (١٩٣ ـ ظ) وبرنس ، ثم القرمطي على الكرسي على ظهر الفيل وعليه دراعة ديباج وبرنس حرير ، ثم دخل أمير المؤمنين خلفه حتى اشتق مدينة السلام الى قصره المعروف بالحسني ، والقاسم بن عبيد الله خلفه ، وأمر بالقرمطي والمدثر فأدخلا الحبس بالحسني ، ووجه بالأسرى الى الحبس الجديد بالجانب الغربي ، ومضى المكتفي من ساعته من الحسني الى الثريا بعد أن خلع على أبي الحسين القاسم بن عبيد الله ، وانصرف الى منزله.
ووافى محمد بن سليمان بعد اصلاحه الأمور وتلقطه جماعة من قوّاد القرمطي وقضاته وأصحاب شرطه ، فأخذهم وقيدهم ، وانحدر والقوّاد الذين تخلفوا معه إلى مدينة السلام فوافى بغداد إلى الباب المعروف بباب الأنبار ليلة الخميس لإحدى عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول ، وكان أمر القوّاد جميعا بتلقي محمد بن سليمان والدخول معه إلى بغداد ، ففعلوا ذلك ، ودخل محمد بن سليمان صبيحة يوم الخميس وبين يديه نيف وسبعون أسيرا غير من أسمينا والقواد معه حتى صاروا إلى دار أمير المؤمنين بالثريا ، فدخلوا عليه ، وأمر أن يخلع على محمد بن سليمان ، ويطوق بطوق ذهب ، ويسور بسوار ، وخلع على جميع القواد القادمين معه ، وطوقوا وسوروا وانصرفوا إلى منازلهم ، وأدخل الأسرى إلى الحبس الجديد بمدينة السلام في الجانب الغربي منها.
__________________
(١) الدقل : ما يشبه سارية السفينة. القاموس.