فقلت : هذا الذي أقمتموه مقامه أهو أخوه؟ فقال لا والله ما نعلم ذاك غير أنه وافانا قبل هذه الحادثة بيومين ، فسألناه من أنت من الإمام؟ فقال : أنا أخوه ، ولم نسمع من الشيخ شيئا في أمره ، يعني المكتني أبا القاسم.
وكان هذا المدّعي أخاه يكنى أبا العباس ، واسمه أحمد بن عبد الله ، فعقد لنفسه البيعة على القرامطة ، ودعاهم إلى مثل ما كان أخوه يدعوهم إليه ، فاشتدت شوكته ، ورغبت البوادي في النهب ، وانثالت عليه انثيالا ، وذلك في آخر شهر ربيع الآخر من هذه السنة.
ثم صار الى دمشق فصالحه أهلها على خراج دفعوه إليه ، فانصرف عنهم ، ثم سار إلى أطراف دمشق وحمص فتغلب عليها ، وخطب له على منابرها ، وتسمى بالمهدي ، ثم صار إلى مدينة حمص فأطاعه (١٩١ ـ و) أهلها وفتحوا له بابها فدخلها ، ثم صار إلى حماه ، وسلمية ، وبعلبك فاستباح أهلها ، وقتل الذراري ولم يبق شريفا لشرفه ، ولا صغيرا لصغره ، ولا امرأة لمحرمها ؛ وقتل أهل الذمة ، وفجروا بالنساء.
وحدثني من كان معهم قال : رأيت عصاما سيافه وقد أخذ من بعلبك امرأة جميلة جدا ومعها طفل لها رضيع ، فرأيته والله وقد فجر بها ، ثم أخذ الطفل بعد ذلك فرمى به نحو السماء ثم تلقاه بسيفه فرمى به قطعتين ، ثم عدل إلى أمه بذلك السيف بعينه ، فضربها به فبترها.
فلما اتصل عظيم خبرهم ، واقدامهم على انتهاك المحارم ، ودام ، خرج أمير المؤمنين المكتفي بالله متوجها نحوه ، يوم الثلاثاء لتسع خلون من شهر رمضان ، في قوّاده ، ومواليه ، وغلمانه ، وجيوشه ، وأخذ على طريق الموصل ، ثم صار الى الرقّة وأقام بها ، وأنفذ الجيوش نحو القرامطة ، وقلّد القاسم بن عبيد الله بن سليمان تدبير أمر هذه الجيوش ، فوجه القاسم محمد بن سليمان الكاتب