فأبو العلاء قد أملى من خاطره نثرا : «كالأيك والغصون ، والفصول والغايات ، والسجع السلطاني» وغير ذلك مما يتضمن اللغة وغيرها من الألفاظ البليغة ، والكلمات الوجيزة ، ونظما مثل : «استغفر أو استغفري ، ولزوم ما لا يلزم ، وجامع الأوزان» يزيد على المحكم في المقدار أضعافا مضاعفة ، وكتبه محصورة ولولا خوف الإطاله بذكرها لذكرت أسماءها وبيان حجم كل مصنف منها ، وقد استوعبت ذلك في كتاب «دفع الظلم والتجري عن أبي العلاء المعري».
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال : أخبرنا أبو منصور بن زريق قال : أخبرنا أبو بكر الخطيب قال : أحمد بن عبد الله سليمان أبو العلاء التنوخي الشاعر من أهل معرة (١٦٠ و) النعمان ، كان حسن الشعر ، جزل الكلام ، فصيح اللسان ، غزير الأدب ، عالما باللغة حافظا لها.
وذكر لي القاضي أبو القاسم التنوخي أنه ورد بغداد في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة وأنه قرأ عليه ديوان شعره ببغداد.
قال الخطيب : وكان أبو العلاء ضريرا ، عمي في صباه وعاد من بغداد إلى بلده معرة النعمان ، فأقام به إلى حين وفاته ، وكان يتزهد ولا يأكل اللحم ، ويلبس خشن الثياب ، وصنف كتابا في اللغة ، وعارض سورا من القرآن ، وحكي عنه حكايات مختلفة في اعتقاده حتى رماه بعض الناس بالالحاد (١).
أخبرنا أبو القاسم بن أبي علي الرمّاني قال : أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي ـ إذنا إن لم يكن سماعا ـ ؛ وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز الأندلسي قال : أخبرنا أحمد بن محمد قال : يحكى عن أبي العلاء المعري في الكتاب الذي أملاه وترجمه «بالفصول والغايات» وكأنّه معارضة منه للسور والآيات ، فقيل له : أين هذا من القرآن؟ فقال : لم تصقله المحاريب أربعمائة سنة.
__________________
(١) تاريخ بغداد : ٤ / ٢٤٠ ـ ٢٤١.