جمعت حديث الزهري فتعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجعلا يتذاكران ولا يغرب (١١٢ ـ ظ) أحدهما على الآخر حتى فرغا ، وما رأيت أحسن من مذاكرتهما ، ثم قال أحمد بن حنبل لأحمد بن صالح : تعال حتى نذكر ما روى الزهري عن أولاد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعلا يتذاكران ولا يغرب أحدهما على الآخر ، الى أن قال أحمد ابن حنبل لأحمد بن صالح : عندك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : «ما يسرني أن لي حمر النّعم وأن لي حلف المطيبين» ، فقال أحمد بن صالح لأحمد بن حنبل : أنت الأستاذ وتذكر مثل هذا! فجعل أحمد يتبسم ويقول : رواه عن الزهري رجل مقبول أو صالح ، عبد الرحمن بن اسحاق ، فقال : من رواه عن عبد الرحمن؟ فقال حدثناه رجلان ثقتان : اسماعيل بن عليّة ، وبشر بن المفضل ، فقال أحمد ابن صالح لأحمد بن حنبل : سألتك بالله ، إلا أمليته علي ، فقال أحمد : من الكتاب ، فقام فدخل وأخرج الكتاب وأملاه عليه ؛ فقال أحمد بن صالح : لو لم أستفد بالعراق إلا هذا الحديث كان كثيرا ، ثم ودعه وخرج.
وقال أحمد بن عدي : حدثنا العباس بن محمد بن العباس قال : حدثنا موسى ابن سهل قال : قدم أحمد بن صالح الرملة فسألوه أن يحدثهم ويجلس للناس ، فأبى وامتنع عن ذلك ، فكلموا ابن أبي السّري العسقلاني ، فكلمه فجلس للناس ، فحدثنا حينئذ بألوف من حفظه.
قال موسى : وسألته منذ ثلاثين سنة عن تفسير حديث أبي الطفيل ، فقال (١١٣ ـ و) نصدّق بهذه الأحاديث على وجوهها ، ولا نسأل عن تأويلها ، ثم سألته الآن عن مثل ذلك ، فقال لي : هذه أخت تلك وبينهما نحو من ثلاثين سنة أو أكثر.