وقال : حدثنا السري قال : حدثنا شعيب قال : حدثنا سيف عن أبي حارثة وأبي عثمان عن خالد وعبادة والربيع عن النعمان عن رجاء بن حيوه قالوا : لما كان ذو القعدة من سنة ست عشره أغزى هرقل أهل حمص في البحر وقد اتخذوا مسالح ، ونزل علقمه بن محرز وعلقمة بن حكيم الرمله وعسقلان وذواتها ، وفعل يزيد وشرحبيل نحوا من ذلك ، واستمد أهل الجزيرة واستثار أهل حمص ، فأرسلوا إليه بإنا قد عاهدناهم فنخاف ألا تنصر ، وخرج على أبي عبيدة في جلية الروم ، فاستمد أبو عبيدة خالدا ، فأمده بمن معه جميعا ، لم يخلف أحدا ، فكفر أهل قنسرين بعده ، وتابعوا هرقل ، فكان أكفر من هنالك تنوخ الحاضر ، وكان تمسك كل أمير بكورته من القوة وهو أنجز وأعز للمسلمين ، ودنا هرقل من حمص وعسكر وبعث (٢٥١ ـ ظ) البعوث إلى حمص ، فأجمع المسلمون على الخندقه والكتابة إلى عمر رضوان الله عليه ، إلا ما كان من خالد ، فإن المناجزة كانت برأيه ، فخندقوا على حمص ، وكتبوا إلى عمر ، واستصرخوه ، وجاء الروم ومن أمدهم حتى نزلوا عليهم ، فحصروهم ، وبلغت أمداد الجزازره ثلاثين ألفا سوى أمداد قنسرين من تنوخ وغيرهم فبلغوا من المسلمين كل مبلغ ، وجاء الكتاب إلى عمر وهو متوجه إلى مكه للحج في ذي الحجة فمضي لحجه ، وكتب (الى سعد إن أبا عبيده) قد أحيط به ولزم جهته ، فانبذ المسلمين بالجزيره ، ومرهم بالجد ومرهم بالتوجه إلى حمص وأمد أبا عبيدة بالقعقاع بن عمرو فخرج القعقاع بن عمرو ممدا لأبي عبيدة ، وخرجت الخيول نحو الرقه وحران ونصبين ، فدوخوا الجزيرة ، وبلغ قبائل القوم بحمص فارتحلوا إلى مدائنهم وبادر المشركون يجفلون عنها وسمعهم المسلمون فيها ، ولما دنا القعقاع بن عمرو من حمص أقبلت إلى هرقل كتائب من تنوخ خوفا وذلّا وأخبروه الخبر ، فأرسل إليهم إني والله لولا (أني في سلطان غيري ما باليت) أقللتم أم كثرتم أو أقمتم أو ذهبتم ، فإن كنتم (صادقين فانفشوا (١) كما أنفش) أهل الجزيرة (فساموا) سائر تنوخ ذلك (فأجابوهم ، وراسلوا خالدا إن ذلك) إليك ، فإن شئت فعلنا ، وإن شئت أن تخرج علينا فننهزم بالروم ، فقال : بل أقيموا
__________________
(١) أي تفرقوا. النهاية لابن الاثير.