باب في ذكر صفة مدينة حلب وعمارتها وأبوابها
وما كانت عليه أولا ، وما تغير منها وما بقي
سور حلب : كان سورا مبنيا بالحجارة من بناء الروم ، ولما وصل كسرى أنوشروان الى حلب واستولى عليها ، شعث سورها عند الحصار ، ثم رمّ ما هدم منه ، فبني بالآجر الفارسي الكبار ، وشاهدت مرمته بالآجر الكبار في الاسوار التي بين باب الجنان وباب النصر ، وسترها (٥ ـ ظ) السور الثاني الذي ابتناه الملك الظاهر رحمه الله ، فيما بين باب الجنان وباب النصر ، فلا يبين الآن إلا لمن يمر بين السورين ، وأظن أن كسرى أنوشروان فتح حلب من هذه الجهة ، فإنها كانت أضعف مكان في البلد ، فلهذا كانت المرمة فيه دون غيره ، وكان ملكها وملك أنطاكية الذي أخذها أنوشروان من يده يوسطينيانوس ملك الروم (١).
وفي أسوار حلب أبرجة عديدة جددها ملوك الاسلام بعد الفتوح ، وأسماؤهم مكتتبة عليها ، وبنى نور الدين محمود بن زنكي فصيلا على مواضع من الباب الصغير الى باب العراق ، ومن باب العراق الى قلعة الشريف ، ومن باب اليهود ـ الذي يقال له الآن باب النصر ـ الى باب الجنان ، ومن باب الاربعين الى باب اليهود ، جعل ذلك سورا ثانيا قصيرا بين يدي السور الكبير وأمر الملك الظاهر بتجديد سور من باب الجنان الى برج الثعابين ، وفتح الباب المستجد ، فرفع
__________________
(١) SeeG. Downey, AHistory of Antioschin Syria, Princeton, ١٦٩١ ،PP ٣٣٥ ـ ٦٤. P. Sykes, A History of Persia, London, ٣٦٩١ ،VolI, PP ١٥٤ ـ ٤٥. J. B. Bury, Later Roman Empire, Doaver Publication, New York, Voll, PP ٣٩ ـ.٠٠١