على سيحان ، وقد (٥٦ ـ ظ) كان المنصور صلوات الله عليه أغزى صالح بن علي بلاد الروم ، فوجه هلال بن ضيغم في جماعة من أهل دمشق والأردن وغيرهم ، فبنى ذلك القصر ، ولم يكن بناؤه محكما ، فهدمه الرشيد ، وبناه.
ثم لما كانت سنة أربع وتسعين ومائة بنى أبو سليم فرج الخادم أذنه ، فأحكم بناءها وحصنها ، وندب إليها رجالا من أهل خراسان وغيرهم على زيادة في العطاء ، وذلك بأمر محمد بن الرشيد ، ورم قصر سيحان ، وكان الرشيد رحمة الله عليه توفي سنة ثلاث وتسعين ومائة ، وعامله على أعشار الثغور أبو سليم ، فأقره محمد ، وأبو سليم هذا هو صاحب الدار بأنطاكية (١).
قلت : وهذا أبو سليم قدم الثغور في أيام المهدي هو وغيره من الخدم ، وسكنوها رغبة في الجهاد ، وكانوا من أولاد الملوك بخراسان ، ولخصائهم سبب أنا ذاكره ، ونقلته من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قال : سمعت أبا نصر محمد بن أحمد بن الحمال ، قبل أن يصيبه ما أصابه ، يقول : سمعت أبا حفص يقول : سمعت أبا حفص عمر بن سليمان بن الشرابي يقول : سمعت أبا العباس بن المعتز بالله يقول : وردت الكتب من خراسان في أيام أبي جعفر المنصور : إن قوما من أبناء وجوه خراسان منعوا جانبهم ، وقدر عليهم ، والتمس إذن المنصور فيهم ، فألفى ورود الكتاب أبا جعفر حاجا ، وتوفي في طريقه ذاك ، واستخلف (٥٧ ـ و) المهدي ، فعرض عليه الكتاب ، فأمر بكتب الجواب عنه ، وأن يحصى أولئك الأبناء فيعمل في بابهم ما يعود بالصلاح ، فسقط من قلم الكاتب على أعلى الحاء مقدار النقط ، فقريء بخراسان بالخاء معجمة. فخصوهم خدما ، أربعة آلاف ، منهم أبو سليم ، والحسين صاحب المهدي ، وأبو معروف ، وبشّار.
ونقلت من كتاب أبي زيد أحمد بن سهل البلخي في كتاب صورة الأرض والمدن
__________________
(١) فتوح البلدان : ١٧٢ ـ ١٧٣.