باب في ذكر كفر طاب
وأما مدينة كفر طاب فكانت مدينة مبنية بالمدر وشربهم من صهاريج من ماء المطر ، وكان بها جماعة من الأعيان الموسرين ، ومن أهل العلم والدين ، فهجمها الفرنج في سنة ست وسبعين (١) ، فتشتت أهلها في بلاد الشام ، وكان منهم المعروفون ببني قشام ، ولما استرجعها أتابك زنكي من أيدي الكفار رجع إليها من أهلها من أحب الرجوع واختار ، وكان بها جماعة من العلماء ، والأدباء والشعراء.
وذكرها أحمد بن أبي يعقوب بن واضح في كتاب البلدان فقال : ومدينة كفر طاب والأطميم وهي مدينة قديمة ، وأهلها قوم من يمن من سائر البطون ، وأكثرهم كنده.
الأطميم هي المعروفة (٤٦ ـ ظ) الآن بلطمين (٢) ، وهي قرية كبيرة جامعة.
قرأت بخط أبي طاهر السّلفي في رسالة أبي المظفر إبراهيم بن أحمد الأذري التي ذكر فيها رحلته إلى الشام وغيرها قال : ومنها ـ يعني من معرة النعمان ـ إلى كفر طاب ، وما أحسنها بلدة لو أن لأهلها ماء لشفاههم وشربا لأفواههم (٣).
أنشدني والدي رحمه الله لبعض الشعراء يصف كفر طاب بقلة الماء :
بالله يا حادي المطايا |
|
بين حناك وأرمنايا |
__________________
(١) خطا واضح صوابه : سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.
(٢) هي الان احدى قرى حماه ، وتبعد عنها مسافة ٣٦ كم. التقسيمات الادارية ، ١١٧.
(٣) جاء هذا النص في الحاشية ، وكتب ابن العديم الى جانبه : ملحق محرم سنة ثمان ، أي سنة ثمان وخمسين وستمائة قبل وفاة ابن العديم بعامين.