وكان حصنا ، ثم جلا عنه أهله ، فبنى معاوية أنطرسوس ومصّرها وأقطع بها القطائع ، وكذلك فعل بمدقية وبالس (١).
وقال البلاذري ، فيما حكاه عن شيوخ الشام : قالوا : ثم سار أبو عبيدة ـ يعني بعد فتح دلوك ورعبان ـ حتى نزل عراجين وقدم مقدمته الى بالس ، وبعث جيشا عليه حبيب بن مسلمة الى قاصرين وكانت بالس وقاصرين لأخوين من أشراف الروم أقطعا القرى التي بالقرب منهما ، وجعلا حافظين لما بينهما وبين مدن الروم بالشام ، فلما نزل المسلمون بها صالحهم أهلها على الجزية أو الجلاء ، فجلا أكثرهم الى بلاد الروم وأرض الجزيرة.
قالوا : ورتب أبو عبيدة ببالس جماعة من المقاتلة ، وأسكنها قوما من العرب الذين كانوا بالشام ، فأسلموا بعد قدوم المسلمين من الشام ، وقوما لم يكونوا من البعوث نزعوا من البوادي من قيس ، وأسكن قاصرين قوما ثم رفضوها وأعقابهم (٢).
ونقلت من خط ابن كوجك في سيرة المعتضد تأليف سنان بن ثابت ، وذكر سنان أنه نقله من خط أحمد بن الطّيّب السرخسي في مسير المعتضد لقتال خمارويه ابن طولون في وقعة الطواحين ، على ما ذكرناه في وصفه لمدينة حلب ، وذكر أنه رحل من دوسر (٣) إلى إلى بالس يوم السبت لتسع ليال خلون منه ـ يعني من شهر ربيع الأول من سنة إحدى وسبعين ـ فنزل في الجانب الشرقي ، ثم عبر في يوم الأحد إلى الجانب الغربي من الفرات ، وهو جانب المدينة ، وهي مدينة صغيرة (٣٨ ـ و) ولها قلعة وربض ، عليها سور واحد ، بعض بنائها على الفرات وبعضه بينه وبين الفرات رقه.
__________________
(١) في المطبوع ط. بيروت ١٩٥٧ ، ص ١٨٢ ، وط. القاهرة ١٩٣٢ ، ص ١٣٩ ، وكذلك في معجم البلدان لياقوت. ماده انطرطوس ـ «فبنى معاوية أنطرطوس ... وبلنياس». وهذا أقرب الى الصحة من رواية ابن العديم. هذا ويرجح أن «مدقية» تصحيف «مرقية» القريبة من بانياس.
(٢) فتوح البلدان ، ١٥٥.
(٣) هي قلعة جعبر ، وسيرد شرح ذلك وتبيانه عند الحديث عن قلعة جعبر.