باب في ذكر رصافة هشام
وهي من عمل حلب ، واسمها بالرومية قطا ميلا ، وذكر ذلك أحمد بن الطيب السرخسي في كتاب المسالك والممالك ، وقال : ومن قطا ميلا الى العذيب أربعة أربعة وعشرون ميلا.
وبناها هشام بن عبد الملك بن مروان ، ولها سور من الحجر ، وفي داخلها مصنع كبير لماء المطر يشرب منه أهلها ، وهي قوية منيعة لأنها في برية ولا ماء عندها إلا ماء المصنع الذي هو داخل السور ، وكان هشام قد اتخذها دار إقامته ، ويجري بها خيل الحلبة ، وتفد إليه الوفود بها.
وأهلها مياسير وتغلب عليهم التجارة.
نقلت من كتاب ربيع الآداب في محاسن الأخبار وعيون الأشعار ، تصنيف أبي أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري ، من نسخة مقروءة عليه ، قال : أخبرني محمد بن يحيى بن العباس ، أخبرنا الحسن بن عليل العنزي بها قال : حدثنا علي بن الصباح قال : حدثني هشام بن محمد قال : لما كثر الطاعون في زمن بني أمية وفشا ، كانت العرب تنتجع البر وتبتني القصور والمصانع هربا منه ، الى أن ولي هشام بن عبد الملك ، فابتنى الرصافة.
وكانت الرصافة مدينة رومية بنتها الروم في القديم ، ثم خربت ، وكان الخلفاء وأبناؤهم يهربون من الطاعون ، فينزلون البرية ، فعزم هشام على نزول الرصافة ، فقيل له : لا تخرج فإن الخلفاء لا يطعنون ، لم نر خليفة طعن ، قال :