باب في ذكر منبج واسمها وبنائها
(١) وهي مدينة حسنة البناء صحية الهواء كثيرة المياه والأشجار ، يانعة البقول والثمار ، وأهلها خلق حسنة ، ويقال أنها كانت مدينة الكهنة ودورها وأسوارها مبنية بالحجارة ، ولم تزل أسوارها في أكمل عمارة الى أن حصرها الملك الظاهر غازي ابن يوسف بن أيوب في سنة (ثمان وتسعين وخمسمائة) (٢).
ولما فتحها خرب حصنها وكان حصنا مانعا ، وهو الذي حصره بلك بن أرتق وصاحبها إذ ذاك حسان ، فقتل عليها (٣) ، وبقي السور على حاله ، وإذا انهدم منه شيء لا يعمر ، فلما مات الملك الظاهر جاء كيكاوس ملك الروم وفي صحبته الملك الأفضل علي بن يوسف أخو الملك الظاهر ، فاستولى على المدينة ، ورم ما تشعث من سورها ، وفتح تل باشر من يد ابن دلدرم ، واستدعى أتابك طغرل الملك الأشرف موسى بن الملك العادل من حمص ليدفع كيكاوس ، فجاء وخرج بعسكر حلب الى الباب ، واتفق للعسكرين وقعة أسر فيها جماعة من أمراء الروم ، فاندفع كيكاوس عن البلاد ، فاستعادها الملك الأشرف ، فشعت أتابك طغرل سور منبج عند ذلك تشعيثا فاحشا ، وتداعت أركانه ، وبنى منه الخان الذي جدده أتابك للسبيل ، وهو موضع الحصن (٣٢ ـ ظ) الذي خربه الملك الظاهر ، وأخذ أهل البلد من حجارة السور أحجارا كثيرة لعمائرهم ، فلم يبق منه إلا ما يمنع الغارة ،
__________________
(١) كتب ابن العديم في الحاشية. بلغ عبد الرحمن قراءة.
(٢) فراغ في الأصل أكمل من زبدة الحلب ٣ / ١٥٢ ـ ١٥٣.
(٣) حدث هذا سنة ٥١٨ ه ، انظر زبدة الحلب ٢ / ٢١٨ ـ ٢١٩.