بسم الله الرّحمن الرّحيم
مقدمة التّحقيق
الحمد لله الكريم البرّ الجواد ، الهادي إلى سبيل الرّشاد ، الذي خصّ هذه الأمّة ـ دون غيرها من الأمم ـ بخصيصة الإسناد ، وتكفّل بحفظ دينه إلى يوم التّناد ، فندب لذلك الجهابذة النّقّاد ؛ أهل الهدى والسّداد ، فرحلوا في سبيل ذلك إلى البلاد ، وفارقوا الأهل والأولاد ، وهجروا لذلك لذيذ الرّقاد ، وأنفقوا في ذلك الطّارف والتّلاد.
والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمد ، خيرته من الخلق ، وصفوته من العباد ، أدّى الأمانة ، وبلّغ الرسالة ، ونصح الأمة ، وجاهد في الله حقّ الجهاد ، صلاة وسلاما دائمين أدّخرهما عند ربي زادا ليوم المعاد.
أما بعد :
فإنّ من أفضل الطّاعات ، وخير ما صرفت فيه نفائس الأوقات ، الاشتغال بالعلم الشّرعي الذي يقرّب من ربّ الأرض والسّماوات ، ومن أعظمه نفعا وأكثره عوائد علم الحديث ؛ الذي به يعرف صحيح الحديث من سقيمه ، وصدقه من مكذوبه ، وسالمه من معلوله ، ومتّصله من منقطعه.
وقد بدأ تدوين الحديث في وقت مبكّر من حياة هذه الأمّة المباركة ، فكان عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضياللهعنهما ـ يكتب كلّ ما يسمعه من النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكانت له صحيفة كتبها عن النبي صلىاللهعليهوسلم ؛ وكان يقول فيها : «هذه