البلد التاسع والستون :
منشأة المهراني (١)
وهي من ضواحي مصر ، قريبة من السدّ ، بها خانقاه للبهاء أرسلان الدّوادار ، وخطبتان. وأضيفت لمهران بكسر الميم لتتميز عن غيرها ؛ كمنشأة نهيا من عمل الجيزة بقناطر الأهرام ، والنسبة لكلّ منهما : منشاويّ ، أو منشائيّ.
أخبرني الصّلاح محمد بن أحمد بن محمد الشاذلي بها ، عن الرضي أبي حامد بن التقي عبد الرحمن بن محمد المطيري بمكة (ح).
وأخبرني عاليا العز أبو محمد بن الفرات الحنفي ، كلاهما عن العز أبي عمر بن جماعة. قال الأول : سماعا. قال : أنشدنا الشيخ شرف الدين أبو عبد الله محمد بن سعيد الصّنهاجيّ البوصيري لنفسه من قصيدته المشهورة (٢) إجازة :
__________________
(١) انظر «المواعظ والاعتبار»١ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦.
(٢) وهي المسماة ب «البردة». وهي تقع في ستين ومئة بيت.
وقد بالغ فيها في إطراء النبي صلىاللهعليهوسلم مخالفا قوله صلىاللهعليهوسلم : «لا تطروني كما أطرت النّصارى عيسى ابن مريم»متفق عليه.
مما أدى به إلى الوقوع في محاذير ، فأتى في ثنايا قصيدته بأبيات فيها من سؤال غير الله ، وطلب العياذ والملاذ من غيره ؛ فاسمع إليه وهو يقول في النبي صلىاللهعليهوسلم :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به |
|
سواك عند حلول الحادث العمم |
فما اشتمل عليه هذا البيت لا يجوز صرفه لغير الله ، فلا يكون العياذ والملاذ والالتجاء إلّا به. ويستقيم هذا البيت إذا قيل : «يا خالق الخلق ...».
واسمع إليه وهو يقول :
فإنّ من جودك الدّنيا وضرّتها |
|
ومن علومك علم اللّوح والقلم |
وهذا لا يليق إلا لمن بيده ملكوت السموات والأرض.