البلد السابع والخمسون :
القاهرة المعزّيّة (١)
وهي نسبة للمعزّ لدين الله : أبي تميم معدّ (٢) بن المنصور إسماعيل بن القاسم محمد بن المهدي عبد الله العبيدي صاحب المغرب ، وأول من تملّك الديار المصرية ـ من بني عبيد ـ الرافضة ؛ المدّعين أنهم علويّون ؛ لكون المعزّ هو التي اختطّت له ، وذلك في سنة ثمان وخمسين وثلاث مئة ، بناها له أبو الحسن جوهر الرومي ، القائد المعروف بالكاتب ، لسكنى الخليفة ، وخدمه ، وجنده ، وخواصه خاصة.
ثم بنى جامعها الأزهر ، وانتهى في رمضان سنة إحدى وستين بعد ثلاث سنين ، فكان أوّل جامع وضع للناس بها ، وشاع فيها التشيّع ؛ بحيث قلّ الحديث والسنة منها ، واستمرّت كذلك إلى انقراض الدّولة الفاطمية باستيلاء النّاصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة سبع وستين وخمس مئة ، فصيّرها مدينة للعامة ، وتراجع العلم إليها ، وضعف الرّفض فيها ، ثم لا زالت في اتّساع حتى صارت أعظم مدن الدّنيا ، و
هي مع ما هي عليه ؛ لا أعلم الآن على وجه الأرض بلدا اجتمع فيه من الفنون والفضائل ما اجتمع فيها. وخرج منها في كلّ فنّ وعلم ومذهب خلق لا يحصون كثرة ؛ جديرون بإفرادهم في تأليف وسمع بها شيخنا ، وشيخه [و](٣) الذهبي وأمم. وكنت ممّن ولد هو وأبوه بها. وفي
__________________
(١) انظر «معجم البلدان»٤ / ٣٠١ ، و «مراصد الاطلاع»٣ / ١٠٦٠ ، و «المواعظ والاعتبار»١ / ٣٤٨.
(٢) انظر «تاريخ الإسلام»وفيات (٤٨١ ـ ٤٩٠) صفحة (٢٢٧).
(٣) ما بين معقوفين زيادة لابد منها ؛ إذ إن الذهبي ليس شيخ الحافظ ؛ وإنما هو في طبقة شيوخ شيوخه. والله أعلم.