البلد السادس والعشرون :
الخانقاة السّرياقوسية (١)
وهي حادثة في شرقي مصر ، عرفت بالخانقاة بفتح النون ، رباط الصوفية التي بناها الناصر محمد بن المنصور قلاون ، وكمل بناؤها في سنة خمس وعشرين وسبع مئة.
والنسبة إليها : خانقاهي ، ولكن الجاري على الألسنة في النطق بها بالكاف بدل القاف ، ويقال في المنسوبين إليها : الخانكي. وقد اتسعت وتزايدت بهجتها بما جدّد فيها من المدارس والأسواق والدور ، وكثر النازل فيها والمستبضع منها ، وقد دخلتها كثيرا ، وكتبت بها عن غير واحد. وأول من قرّره الناصر في مشيختها الشيخ مجد الدين موسى بن أحمد بن محمود الأقصري نقلا له من مشيخة الخانقاه الكريمية بالقرافة إليها ؛ لإجلاله له ، وأوصافه الجميلة ، وأنسه خصوصا في السماع ، ورتب ذكرا فكان يقوله هو وطائفته بعد صلاة المغرب فلا ينقضي حتى يؤذن العشاء ، ومات في شهر ربيع الآخر سنة أربعين وسبع مئة قبل الناصر بثمانية أشهر ، وقد زاد على السبعين ، ودفن هناك وقبره يزار (٢).
وممن ولي مشيختها الشهاب أحمد بن سلامة المقدسي ثم المصري الواعظ ، فباشرها إلى أن مات سنة تسع وستين وسبع مئة ، وأظنه كان استقر بعد المجد المذكور.
وكذا ممن وليها الشمس محمد بن عبد الله بن أبي بكر القليوبي شيخ
__________________
(١) انظر «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»للمقريزي ٢ / ٤٢٢.
(٢) انظر ما سبق التعلق عليه من كلام للمصنف صفحة (١٢٤).