مليكة ، عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ ، أنها كانت إذا قدمت مكة جاءت إلى قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر ـ رضي الله عنهما ـ فسلمت عليه.
وزاد غيرهما في هذا الحديث ثم تقول :
وكنا كندماني جذيمة حقبة |
|
من الدهر حتى قيل لن يتصدّعا |
فلمّا تفرّقنا كأني ومالكا |
|
لطول اجتماع لم نبت ليلة معا (١) |
ثم تقول : يرحمك الله يا أخي ، أما والله لو شهدتك ما زرتك ، ولو حضرتك لدفنتك حيث مت.
الغراب (٢) : جبل بأسفل مكة بعضه في الحل ، وبعضه في الحرم. وقد زعم بعض أهل مكة أن النبعة تصب في أصل غراب.
__________________
(١) قائل هذا الشعر هو : متمم بن نويرة اليربوعي التميمي ، وهو صحابي من أشراف قومه ، وكان شاعرا فحلا ، توفي في حدود سنة (٣٠). وهذا الشعر في قصيدة من أشهر مراثي العرب ، قالها في أخيه مالك بن نويرة الذي قتله خالد بن الوليد في حروب الردة. أنظر معجم الشعراء ص : ٤٣٢ ، والأغاني ١٥ / ٣٠٨ ، والإصابة ٣ / ٣٤٠.
وجذيمة هو : ابن مالك بن فهم التنوخي القضاعي الأبرش ، جاهلي أحد ملوك قضاعة بالحيرة ، قتلته الزبّاء ، بثأر أبيها ، أنظر نهاية الأرب ١٥ / ٣١٦. و (ندمانا جذيمة) هما مالك بن فارج التغلبي ، وأخوه عقيل. أنظر الأغاني ، وعيون الأخبار ١ / ٢٧٤.
(٢) جبل غراب : قال الأستاذ البلادي في معالم مكة التاريخية ص : ٢٠٢ : يعرف اليوم ب (سود حميّ) سلسلة سوداء جنوب غربي مكة ، ماؤها في وادي عرنة ، تسيل الوتائر منها إلى ما كان يعرف ب (أضاءة لبن) من حدود الحرم تبعد (١٦) كيلا من المسجد الحرام. اه وفي ذلك بعد عندي. لأن (غرابا) المقصود هنا هو ذلك الجبل الذي يشرف على طريق اليمن القديم ، ويراه من سلك هذا الطريق ، ثم إنه مذكور في حدود الحرم. و (سود حميّ) لا يقع على طريق اليمن ، ولا يراه سالك هذا الدرب ، وهو خارج حدود الحرم بالاتفاق ، بل إن الوتير الذي يسيل من سود حمي ليس في الحرم ، فكيف بسود حميّ؟ إذن المقصود بجبل غراب هنا جبل آخر ، كبير بحيث يقع نصفه الجنوبي في الحل ، ونصفه الشمالي في الحرم. وقد جبت تلك المنطقة التي يمكن أن يقع فيها جبل غراب أكثر من مرّة ، مستصحبا معي أهل الخبرة من هذيل (دعد) وخزاعة ، والجحادلة ، وسألت عنه الشريف محمد بن فوزان الحارثي ـ رحمه الله ـ والشريف شاكر بن هزّاع ، وقد اختلفت فيه أقوالهم ولم يجمعوا على جبل بعينه. وسبب هذا الاختلاف هو وجود عدّة جبال في تلك المنطقة سوداء ، ويطلق على كل منها اسم (غراب) بسبب ذلك السواد.
وليس لدي من دليل على غراب بعد ذلك سوى وجود أنصاب الحرم فوقه ، وعندما ارتقيت