محمد بن الهشامين المخزومي ، عن رجل ، قال : خرج قوم من أهل مكة ميّارا إلى الشام ، قال : فبينا هم يسيرون إذا هم بقصر ، وغدر ، قال : قال بعض القوم لبعض : لو ملنا إلى هذا القصر فقلنا بفنائه ، قال : فبينا نحن كذلك إذ انفرج الباب عن (١) مثل الغزال العطشان ، فسبح (٢) الباب بيديه ، ثم قال (٣) : أي فتيان ، ممن القوم؟ فقلنا : أضاميم ، ثم قال :
يا من يسائل عنّا أين منزلنا |
|
فالأقحوانة منّا منزل قمن |
إذ نلبس العيش صفوا ما يكدّره |
|
سعي الوشاة ولا ينبو بنا الزمن |
من كان ذا شجن بالشام محبسه |
|
فإنّ غيري من أمسى له الشجن |
وإنّ ذا القصر حقّا ما به وطني |
|
لكن بمكّة حقّ الدار والوطن (٤) |
قال : ثم لجّ (٥) بها ، فخرجت عجوز منخالة (٦) ، فنضحت في وجهها من الماء ، ثم قالت : والله للموت خير لك من هذا ، هذا لك في كل يوم مرات. قال : فقلت لها : يا عجوز ، من هذه الجارية؟ فقال : كانت لرجل من أهل مكة ، فاشتراها صاحب هذا القصر فهي تنزع إلى مكة ، وتذكر أوطانها.
قال أبو سعيد : قال لنا هذا الشيخ ابن الهاشمين المخزومي بأجياد عند البئر التي بأعلى جياد.
__________________
(١) عند ياقوت (عن امرأة مثل الغزال).
(٢) كذا في الأصل.
(٣) عند ياقوت (قالت).
(٤) ديوان الحارث بن خالد ص : ١٠٣ ـ ١٠٥.
(٥) عند ياقوت (ثم شهقت شهقة وخرّت مغشيا عليها).
(٦) كذا في الأصل ، ولم أجد لها معنى في كتب اللغة ، ولعلّها مصحّفة ، وعند ياقوت (فخرجت عجوز من القصر).