(وفصل الخطاب) أى : وأفضل من أوتى فصل الخطاب ، وهو الخطاب الفاصل بين الحق والباطل أو الخطاب المفصول أى : المتبين الذى يفهمه سامعه ، ويعرف مواقع الذكر والحذف والتقديم والتأخير منه وغير ذلك ، فالفصل فعل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل ، وفى ذكر الحكمة الدالة على علم الشرائع ، وذكر فصل الخطاب الدال على الكلام المقبول الذى لا مقال فيه ، ولا عيب ولا رد لأحد ؛ إشارة إلى ما يحق به ذلك ، وهو المعجزات المثبتة للرسالة المتضمنة لقرائن العدل الذى هو أحد النعمتين المحمود عليهما ، وفى تعليق الدعاء للرسول الموصوف بما ذكر على وصفه المذكور إيماء إلى أن من جملة ما استحق به الدعاء ظهور تلك النعمة على يده ؛ لأن تعليق الحكم بما يناسب يشعر بعليته فيتضمن الشكر لتلك النعمة كما بيناه آنفا ، ثم صلى على من هم المعينون للشارع فى تبليغ الشرائع وتعليمها فقال : (وعلى آله) أى : أهله وهم المؤمنون من بنى هاشم ، وأصل آل أهل أبدلت الهاء همزة ثم أبدلت ألفا بدليل قولهم فى التصغير أهيل والآل لا يضاف إلا لما فيه شرف وخطر ، فلا يقال آل الحداد وآل الجزار (الأطهار) أى الطاهرين من وصم الشقاوة ، فهو جمع طاهر على غير قياس ، وفيه إيماء إلى قوله تعالى : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(١) (و) على (صحابته) اسم جمع لصاحب (الأخيار) أى : المختارين وهو جمع خير بالتشديد لا خير الذى هو اسم التفضيل ؛ لأنه فى الأصل لا يثنى ولا يجمع والمراد بالصاحب الصحابى وهو كل من لقيه وآمن به ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وفيه إيماء إلى قوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(٢) وقد تبين بما أشير إليه من الآيتين وجه تخصيص الآل بالوصف بالأطهار والصحابة بالوصف بالأخيار (أما بعد) أى : مهما يكن من شيء بعد الحمد والصلاة على النبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فكذا إلخ فبعد ظرف مبنى لقطعه عن الإضافة مع نية معنى المضاف إليه ، والعامل فيه إما الفعل الذى نابت عنه أما ، أو أما بنفسها لنيابتها عن الفعل ، ولما كانت أما بمعنى مهما يكن من
__________________
(١) الأحزاب : ٣٣.
(٢) آل عمران : ١١٠.