قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح [ ج ١ ]

    مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح

    مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح [ ج ١ ]

    تحمیل

    مواهب الفتّاح في شرح تلخيص المفتاح [ ج ١ ]

    387/688
    *

    وأما لو كان المعنى : لو شئت أن أبكى تفكرا بكيته لم يفد أنه لم يبق منه إلا التفكر ؛ لصحة بكاء التفكر الذى هو الحزن والكمد عند كثرته مع بقاء مادة أخرى ، وهذا المعنى لا يناسب قوله

    فلم يبق منى الشوق غير تفكرى

    فتقرر بهذا اندفاع ما ذكره صدر الأفاضل ، واندفاع ما ذكر غيره فى أن المراد لم تبق فى مادة دمع فصرت أقدر على بكاء التفكر ؛ لأن كلام هذا القائل ولو كان فيه بيان أنه لم تبق فيه مادة الدمع زيادة على ما ذكر صدر الأفاضل يرجع إلى كلامه ؛ لأن صدر الأفاضل يمكن حمل كلامه ـ أيضا ـ على أن المراد لم تبق فيه مادة الدمع ، ولو لم يصرح بذلك فصار يقدر على بكاء التفكر ؛ بل ذلك مراده قطعا لتقدمه فى كلام الشاعر.

    ووجه الرد عليهما واحد ، وهو أن المبالغة المناسبة لقوله

    فلم يبق منى الشوق غير تفكرى

    لا يفيدها بيانه أنه قادر على بكاء التفكر ؛ لصحة هذه القدرة مع بقاء المادة التى نفى هذا القائل وجودها ، وإنما يناسب نفى وجودها كونه إذا طلب بكاء آخر لم يجد سوى التفكر ؛ لكن على هذا كان ينبغى أن يراد بالبكاء مطلق البكاء الصادق ببكاء الدمع والدم وغير ذلك ، وأنه لو طلب أى بكاء لم يجد إلا بكاء التفكر ، لا أن يراد بكاء الدمع بالخصوص الذى هو الحقيقى ، فليتأمل.

    وما ذكرنا من أن الكلام من باب ما ذكر فيه مفعول المشيئة ؛ لعدم وجود دليل الحذف للتخالف بين الجواب ومفعول الشرط هو الذى يجب أن يحمل عليه الكلام لا ما قيل من أن الكلام فى مفعول أبكى ، والمراد أن هذا الكلام حذف فيه المفعول لغرض آخر لا للبيان بعد الإبهام ؛ لأنه لو أراد المصنف ذلك لكان يجب أن يقول حينئذ ؛ لأن المحذوف فعل أبكى لا فعل المشيئة حتى يكون من البيان بعد الإبهام ، وأيضا الكلام فى مفعول المشيئة وتفصيله لا فى مفعول آخر وأيضا المراد الرد على من زعم أنه ذكر للغرابة ، ولذلك قال ؛ لأن المراد بالأول البكاء الحقيقى ، وليس المراد الرد