وجود اعتقاده ، فإذا انتفى الاعتقاد انتفت مطابقته ، وهذا الجواب تمحل وتقدير عقلى لا مفهوم من الاستعمال عرفا.
وفى تسمية كلام الشاك خبرا احتمالان تقدم توجيههما وأظهرهما لغة وعرفا التسمية ؛ لأنه إذا كان كلام معتقد الباطل يسمى خبرا ، فأجرى كلام الشاك والقائل بأن صدق الخبر مطابقته للاعتقاد وكذبه عدمها وهو النظام من المعتزلة ، إنما قال ذلك (بدليل) قوله تعالى : (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)) (١) فقد كذبهم الله تعالى فى قولهم : إنك لرسول الله ، وهو خبر مطابق للواقع ومفهومه حق فالتكذيب لعدم مطابقته لاعتقادهم الفاسد ، فدل على أن كذب الخبر عدم مطابقته للاعتقاد ، فإذا كان الخبر قد جعل كذبا لعدم مطابقته للاعتقاد مع مطابقته للواقع ، فأحرى إذا لم يطابق الواقع والاعتقاد معا ؛ لأنه بالكذب أجدر ، وإذا تحقق أن الكذب مجرد عدم مطابقة الاعتقاد كان الصدق مقابله لعدم الواسطة بالاتفاق من الخصم ، فيكون الصدق هو تلك المطابقة ، فلا يرد أن يقال بعد تسليم أن الكذب ما ذكر لا يلزم منه أن الصدق مطابقة الاعتقاد ، بل ولا أن الكذب مجرد عدم مطابقة الاعتقاد ، لاحتمال أن الكذب هو عدم تلك المطابقة ، مع موافقة الواقع ؛ لأنه هو الموجود فى الدليل ، وهذا الاستدلال ليس من باب إقامة الدليل على التصور ، الذى هو انتقاش معنى التعريف فى القلب ؛ لأن هذا لا يقام عليه الدليل بل هو من باب أن هذا المعنى يسمى فى اللغة أو العرف بكذا ، وهو من التصديق لا من التصور.
(ورد) الاستدلال المذكور بالمنع وهو أنا لا نسلم أن التكذيب راجع لقولهم : إنك لرسول الله ، بل إلى خبر استلزمته الشهادة ، ولو كانت إنشاء وذلك (ب) تأويل (أن المعنى لكاذبون فى الشهادة) باعتبار ذلك الخبر المتضمن للشهادة ، ووجه التضمن أن الشهادة هى إظهار اللفظ الدال على علم الشاهد بمضمون المشهود به علما كالشهود بالعين ، فإذا قال القائل : أشهد إن زيدا لصالح ، فقد أظهر بهذه الشهادة اللفظية أنه عالم
__________________
(١) المنافقون : ١.