باعتبار مقام الإنكار ـ يغاير الاعتبار اللائق بمقام غير الإنكار مثلا ، وهو عدم التأكيد ، فتقرر بهذا أن المقام والحال شيء واحد ، وكذا الاعتبار ومقتضى الحال كما يأتى ، وأنه لا فرق بين المقام والحال فى الحقيقة ، بل الفرق بينهما بالوهم ، فإذا توهم فى سبب ورود الكلام بخصوصية ما كونه زمانا لذلك الكلام سمى حالا ؛ لتحول الزمان بسرعة ، وإذا توهم فيه كونه محلا له سمى مقاما ، ويختلفان أيضا فى الاستعمال ، فالمقام يستعمل مضافا للمقتضيات ، فيقال : مقام التأكيد مثلا والحال يستعمل كثيرا مضافا للمقتضى فيقال : حال الإنكار فالإضافة بيانية ، ثم أشار إلى تحقيق مقتضيات الأحوال وضبطها إجمالا ، كما أشرنا إليه وهى ثلاثة أقسام : ما يتعلق بأجزاء الكلام ، وما يتعلق بكلامين فأكثر ، وما يتعلق بهما معا مرتبا لهذه الأقسام على هذا الترتيب بقوله : (فمقام كل من التنكير والإطلاق والتقديم والذكر يباين مقام خلافه) أى خلاف كل من تلك الأمور ، فمقام تنكير المسند إليه والمسند يباين مقام تعريف كل منهما ، كقولنا : زيد القائم ، ومقام إطلاق الحكم بين المسندين يباين مقام تقييده بمؤكد كأن زيدا قائم ، أو أداة قصر ، كما زيد إلا قائم ، وكذا مقام إطلاق تعلق المسند إن كان فعلا بفاعله أو مفعوله مثلا ، يباين مقام تقييد ذلك التعلق بأداة قصر ، كما قام إلا زيد ، وما ضربت إلا عمرا ، وكذا مقام إطلاق المسند إليه أو المسند يباين مقام تقييد كل منهما بتابع ، كزيد الطويل رجل صالح ، وكذا مقام إطلاق متعلق المسند إن كان فعلا أو مشتقا يباين مقام تقييد ذلك المتعلق بتابع أو المسند المتعلق به بشرط أو مفعول ، كقولنا : فى تقييد المتعلق بالتابع : أنا ضارب أو ضربت زيدا الطويل ، وفى تقييد المسند المتعلق به بشرط ، أنا أكرم زيدا إن جاء ، وفى تقييده بمفعول : أنا ضارب ضاربا زيدا ، وكذا مقام تقديم المسند إليه : كزيد قائم أو متعلقات المسند كقولنا : زيدا ضربت وضاحكا جئت ـ مثلا ـ يباين مقام التأخير فى ذلك ، وكذا مقام ذكر أحد المسندين يباين مقام حذفه وهو ظاهر ، ولا يخفى أن هذه الأشياء تتعلق بأجزاء الجملة ، ثم أشار إلى ما يتعلق بالكلامين ، فأكثر فاصلا عما قبله لعظم شأنه وهو الفصل والوصل فقال : (ومقام الفصل) الذى هو ترك عطف بعض الجمل على بعض (يباين مقام الوصل) الذى هو عطف بعضها على بعض ، ولم يقل