لأشرقت لها الأرض كما تشرق الشمس ، وما أنا بمتخلف عن العنق (١) الأول ، بعد أن سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم ، يقول : «يجمع الناس للحساب فيجيء فقراء المسلمين يدفّون (٢) كما يدف الحمام ، فيقال لهم : قفوا للحساب. فيقولون : والله ما عندنا من حساب / وما تركنا من شيء. فيقول ربّهم : صدق عبادي ، فيفتح لهم باب الجنة فيدخلونها قبل الناس بسبعين عاما».
قال ابن سابط : وأوصى سعيد بن عامر بن حذيم عمر ـ رضي الله عنه ـ فقال : إخش الله في الناس ولا تخشى الناس في الله ، وأحبّ لأهل الإسلام ما تحبّ لنفسك ولأهلك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ولأهل بيتك ، وأقم وجهك لمن استرعاك الله من قريب المسلمين وبعيدهم ، وألزم الأمر ذا الحجّة يعنك الله ـ تعالى ـ على ما ولّاك ، ولا تقض في أمر واحد ، بقضائين إثنين فيختلف عليك قولك ، وينزع عن الحق ، ولا يخالف قولك فعلك ، فإن شرّ القول ما خالف الفعل ، وخض الغمرات إلى الحقّ حيث علمته ولا تخف في الله لومة لائم. قال : ومن يطيق هذا يا سعيد؟ قال : من قطع لله في عنقه مثل ما قطع في عنقك ، إنما عليك أن تأمر فيتّبع أمرك ، أو يترك فتكون لك الحجّة (٣).
وكانت لهم دار حجير بن أبي إهاب بن عزيز التميمي ، حليف المطعم ابن عديّ ، وكانت لآل معمر بن حبيب (٤).
__________________
(١) العنق : بالضم ـ الجماعة من الناس ، يريد أنه لا يحب أن يتخلف عن الرعيل الأوّل من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم وقد يقال : العنق ـ بالفتح ـ وهو نوع من السير ، والمعنق : السابق. أي لا أريد أن أتخلّف عن السابقين الأولين. أنظر النهاية ٣ / ٣١٠.
(٢) يدفّون : أي يمشون مشيا خفيفا. النهاية ٢ / ١٢٥.
(٣) أشار إلى هذه الوصية ابن سعد ٢ / ٢٦٩ لكنها سقطت من النسخة المطبوعة.
(٤) الأزرقي ٢ / ٢٦٣.