الشويفعي ، قال : حدّثني بعض المحدّثين ، أن هشام بن عبد الملك كتب إلى خالد القسريّ ، يوصيه بعبد الله بن شيبة الأعجم ، فأخذ الكتاب فوضعه ، ثم أرسل بعد ذلك إلى عبد الله بن شيبة يسأله أن يفتح له الكعبة في وقت لم يرد ذلك عبد الله بن شيبة ، وامتنع عليه ، فدعا به ، فضربه مائة سوط على ظهره ، فخرج عبد الله بن شيبة هو ومولى له على راحلتين ، فأتى هشاما ، فكشف عن ظهره بين يديه ، وقال : هذا الذي أوصيته بي!! فقال : إلى من تحبّ أن أكتب لك؟ قال : إلى خالك محمد بن هشام (١). قال : فكتب إليه : إن كان خالد ضربه بعد أن أوصلت إليه كتابي ، وقرأه فاقطع يده ، وإن كان ضربه ولم يقرأ كتابي فأقده منه. قال : فقدم بالكتاب على محمد بن هشام ، فدعا بالقسريّ فقرأه عليه. فقال : الله أكبر ، يا غلام إئت بالكتاب ، قال : فأتاه به مختوما لم يقرأه. قال : فأخرجه محمد بن هشام إلى باب المسجد ، وحضره القرشيّون والناس ، فجرّده ثم أمر به أن يضرب ، فضرب مائة ، فلما أصابه الضّرب ، كأنه تمايل بعد ذلك في ضربه. قال : ثم لبس ثيابه فرجع إلى إمرته.
/ فقال الفرزدق في ذلك : سلوا خالدا ، فذكر نحو حديث الزبير الأول ، وزاد فيه : قال : فقالت أمّ الضحاك (٢) وهي يمانية :
فما جلد القسريّ في أمر ريبة |
|
وما جلد القسريّ في مشرب الخمر |
فلا يأمن النمّام من كان محرما |
|
بملقى الحجيج بين زمزم والحجر |
له جلم يسمي الحسام وشفرة |
|
خدام فما تفري الشّفار كما يفري (٣) |
__________________
(١) في العقد الفريد ٥ / ١٦٥ أفاد أنّه كتب إلى (داود بن طلحة بن هرم).
(٢) في العقد الفريد (أم خالد) ، وأورد بيتين آخرين ، ولم يورد هذه الأبيات.
(٣) الجلم : آلة لقطع الصوف عن ظهر الغنم ، وما إلى ذلك. اللسان ١٢ / ١٠٢.
وخدام : قاطعة. اللسان ١٢ / ١١٨.