مطلعها ، وعاد السهم إلى النزعة ، وصار الأمر إلى أهل بيت نبيّكم صلّى الله عليه وسلم ، أهل الرأفة والرحمة والمعدلة ، إنّا والله ما خرجنا لنجري فيكم نهرا ، ولا لنبني فيكم قصرا ، لكم ذمّة الله ـ تعالى ـ وذمة العباس ، لا وربّ هذه البنيّة لا نهيج منكم أحدا ، ثم نزل (١).
فلم يمض يومان حتى تكلّم الناس في أبي العباس ، فأمر بالمنبر ، فوضع فركبه ، فحمد الله ـ تعالى ـ وأثنى عليه ثم قال : عذرا عذرا يا أهل النكث والتبديل ، ألم يزعكم الفتح المبين عن القول في أمير المؤمنين ، كلا والله حتى يحمل أوزارهم وأوزار الذين خلوا من قبلهم ، ها ، ثم ما قامت شكاتكم ، أحين احتصدتم لأمير المؤمنين فوفّركم ، وأنزعتم دماءكم فحقنها ، الآن يا منابت الدمن ، إذ أصبح كبش الكفر فيكم نطيحا ، ونابه مغلولا ، وجمعه شذرا ، أمسستم الغر (٢) ، أو ذيّبتم في الجمر أم محمد والعباس؟ لئن عدتم إلى سقطات القول ، لأحصدنكم [بظباة](٣) الهند ، وما ذلك [بعزيز](٤) ثم يغني الله عنكم ويستبدل بكم قوما غيركم ، ولا يكونوا أمثالكم.
__________________
(١) ذكرها ابن عساكر في تاريخه (تهذيبه ٥ / ٢٠٨) وابن عبد ربّه في العقد الفريد ٤ / ١٦٣. والفاسي في العقد الثمين ٤ / ٣٥٢ ـ ٣٥٣ ، وابن فهد في إتحاف الورى ٢ / ١٦٩.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) في الأصل (ظباب) وهو تصحيف ، وظباة جمع (ظبة) وهو طرف السيف.
(٤) في الأصل (يعزي).