الصفا ، فقال : يا أبا محمد ، أما بلغك ما حدث أمس؟ قلت : لا. قال : دفنّا ابن جريج أمس.
صبّح الحاج ذلك السيل فذهب بمتاعهم وجحفهم جحفا ، وإنما سمي سيل الجحاف ، أنه جاء السيل وهم بالأبطح ، فجحفهم وأهلكهم وهم غارّون قد نزلوا في الوادي واضطربوا الأبنية ، ولم يكن من المطر إلا شيء يسير ، إنّما كان رشاشا ، ودخل المسجد الحرام وأحاط بالكعبة ، وهدم الدور الشوارع على الوادي ، ومات في الهدم خلق كثير ، وفرّ الناس منه في الجبال والشعاب ، وخرج العواتق من الخدور ، فقال عبد الله بن أبي عمّار في ذلك :
لم تر عيني مثل يوم الإثنين |
|
أكثر محزونا وأبكى للعين |
إذ خرج المخبّيات يسعين |
|
سواندا في الجبلين يرقين (١) |
وكان السيل يوم الإثنين. وتروى هذه الأبيات لأبي السنابل (٢).
١٨٦٤ ـ فحدّثنا الزبير بن بكّار ، قال : حدّثني محمد بن مسلمة المخزومي ، عن مالك بن أنس ، عن سليمان بن بلال ، قال : نظر ابن أبي عتيق إلى
__________________
١٨٦٤ ـ إسناده صحيح.
ومحمد بن مسلمة المخزومي ، أبو هشام المدني ، قال أبو حاتم : ثقة ، كان أحد فقهاء المدينة من أصحاب مالك ، وكان من أفقههم. الجرح ٨ / ٧١. وابن أبي عتيق ، هو : عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصدّيق ، تقدّم غير مرّة ، وكان صاحب دعابة وظرف. أنظر أخبار ظرفه في العقد الفريد ٧ / ١٨.
(١) الأزرقي ٢ / ١٦٨ ، والبلاذري في فتوح البلدان ص : ٧٢ ، وابن جرير في التاريخ ٨ / ٢ لكنه لم يذكر الشعر ، والفاسي في شفاء الغرام ٢ / ٢٦١ ، وإتحاف الورى ٢ / ١٠٨ ـ ١٠٩ وقد وقع عند الأزرقي والفاسي وابن فهد اسم الشاعر (عبد الله بن أبي عمارة) وهو خطأ ، صوابه ما ذكره الفاكهي. وقوله (سواندا) : جمع ساندة ، وهي المصعدة في الجبل. النهاية ٢ / ٤٨٠.
(٢) هو : عبد الرحمن بن عبد الله بن عامر بن كريز. أنظر نسب قريش لمصعب ص : ١٤٩ ، والمحبّر ص : ٤٤١.