المبحث الثاني
أهميّة كتاب الفاكهي
إنّ الجزء الذي وصل إلينا من كتاب «أخبار مكة» للفاكهي ، هو النصف الثاني من الكتاب ، وقد حوى هذا النصف على ٤٢٥ مبحثا ، ضمّنها قرابة الثلاثة آلاف ما بين حديث وأثر وخبر.
ولو افترضنا أن النصف الأول الضائع يحتوي مثل هذا القدر من الأحاديث والآثار والأخبار لصار الكتاب يحوي ستة آلاف من الأحاديث والأخبار ، وهو لعمر الحق عمل موسوعي ضخم ، إذا علمنا أن الفاكهي ـ بعد دراسة منهجه ـ نادرا ما يكرر الأحاديث والآثار.
وقد وقف ابن حجر على هذا الكتاب ، واستفاد منه في كثير من كتبه وذكر اسناده إليه ، ثم قال : (وهو كتاب نفيس في خمسة أسفار) (١).
وقال الفاسي في كتابه : «شفاء الغرام» (٢) : (وفي كتاب الفاكهي أمور كثيرة مفيدة جدا ، ليست من معنى تأليف الأزرقي ، ولا من المعنى الذي ألّفناه). فهو بهذا يقرر أن المادة المسطرة في كتاب الفاكهي مادة واسعة تفوق المادة العلمية والتاريخية والأدبية التي في كتاب الأزرقي ، وفي كتاب «شفاء الغرام» أيضا ، وهما أوسع الكتب المؤلّفة في هذا الباب.
فإذا أردنا أن نتلمس أهمية كتاب الفاكهي هذا ، وجب علينا أن نشير إلى النصوص الكثيرة التي احتفظ لنا الفاكهي بها من كتب مفقودة ، ثم نجيل النظر في
__________________
(١) تغليق التعليق ٥ / ٤٧١.
(٢) ١ / ٤.