فقام ابن عباس فدخل منزله ودخل عليه الناس [ ٦٧ / ب ] يعزّونه فقال : انّه ليعدل عندي مصيبة الحسين شماتة ابن الزبير ، أترون مشي ابن الزبير إليّ يعزّيني ؟ ان ذلك منه إلاّ شماتة.
٢٩٩ ـ قال : أخبرنا محمد بن عمر ، قال فحدّثني ابن جريح ، قال : كان المسور بن مخرمة بمكة حين جاء نعي الحسين بن علي فلقي ابن الزبير ، فقال له : جاءك ما كنت تمنّى موت حسين بن علي ، فقال ابن الزبير : يا أبا عبدالرحمن تقول لي هذا ؟! فوالله ليته بقي ما بقي بالجما حجر ، والله ما تمنّيت ذلك له.
قال المسور : انت أشرت عليه بالخروج إلى غير وجه ! قال : نعم أشرت عليه ولم أدر انّه يُقتل ! ولم يكن بيدي أجله ، ولقد جئت ابن عباس فعزّيته فعرفت انّ ذلك يثقل عليه مني ، ولو انّي تركت تعزيته ، قال : مثلي يترك لا يعزّيني بحسين ، فما اصنع ، أخوالي وغرة الصدور عليّ ! وما أدري على أي شيء ذلك ؟!
فقال له المسور : ما حاجتك إلى ذكر ما مضى ونثّه ، دع الاُمور تمضي وبرّ أخوالك فأبوك أحمد عندهم منك.
٣٠٠ ـ قال : اخبرنا محمد بن عمر ، قال حدّثني محمد بن عبد الله بن عبيد ابن عمير ، عن رجل ، قال سمعت ابن عباس وعنده محمد بن الحنفية وقد جاءهم نعي الحسين بن علي وعزّاهم الناس ، فقال ابن صفوان : إنا لله وإنّا إليه راجعون ، أيّ مصيبة ، يرحم الله أبا عبدالله وآجركم الله في مصيبتكم ، فقال ابن عباس : يا ابا القاسم ، ما هو إلاّ أن خرج من مكة [ ٦٨ / أ ] فكنت اتوقع ما اصابه ، قال ابن الحنفية : وأنا والله ، فعند الله نحتسبه ، ونسأله الأجر وحسن الخلف.
قال ابن عباس : يا أبا صفوان أما والله لا يخلد بعد صاحبك الشامت بموته ، فقال ابن صفوان : يا أبا العباس ، والله ما رأيت ذلك منه ولقد رأيته محزونا بمقتله ، كثير الترحّم عليه ، قال : يريك ذلك لما يعلم من مودّتك لنا ، فوصل الله رحمك ، لا يحبّنا ابن الزبير أبداً ، قال ابن صفوان : فخذ بالفضل فأنت أولى به منه.