والحسين جالس عليه جبة خز دكناء وقد وقعت النبال عن يمينه وعن شماله ، وابن له ـ ابن ثلاث سنين ـ بين يديه فرماه عقبة بن بشر الأسدي فقتله.
ورمى عبدالله بن عقبة الغنوي أبابكر بن الحسين بن علي فقتله فقال سليمان بن قتّة :
وعند غني قطرة من دمائنا |
|
وفي أسد اُخرى تعدّ وتذكر |
قال : ولبس حسين لامته ، وأطاف به أصحابه يقاتلون دونه حتى قتلوا جميعاً ، وحسين عليه عمامة سوداء وهو مختضب بسواد يقاتل قتال الفارس الشجاع.
قال : ودعا رجل من أهل الشام علي بن حسين الأكبر ـ واُمه آمنة بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود [ ٥٩ / ب ] الثقفي ، واُمّها بنت أبي سفيان بن حرب ـ فقال : إنّ لك بأميرالمؤمنين قرابة ورحما ، فان شئت آمنّاك وامض حيث ما احببت ، فقال : أما والله لقرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان أولى أن تُرعى من قرابة أبي سفيان ، ثم كرّ عليه وهو يقول :
أنا علي بن حسين بن علي |
|
نحن وبيت الله أولى بالنبي |
من شمرو عمرو ابن الدّعي |
قال : وأقبل عليه رجل من عبدالقيس يقال له : مرّة بن منقذ بن النعمان فطعنه ، فحمل فوضع قريباً من أبيه ، فقال له : قتلوك يا بُنيّ ؟ على الدنيا بعدك العفاء ، وضمّه أبوه إليه حتى مات ، فجعل الحسين يقول :
اللّهم دعونا لينصرونا فخذلونا وقتلونا ، اللّهم فاحبس عنهم قطر السماء وامنعهم بركات الأرض ، فان متعتّهم إلى حين ففرّقهم شيعاً واجعلهم طرائق قدداً ، ولا ترضي الولاة عنهم أبداً.
وجاء صبي من صبيان الحسين يشتدّ حتى جلس في حجر الحسين فرماه رجل بسهم فأصاب ثغره نحره فقتله ، فقال الحسين :
اللّهم إن كنت حبست عنّا النصر فاجعل ذلك لما هو خير في العاقبة ، وانتقم لنا من القوم الظالمين.