فلمّا صار الوليد إلى منزله قالت له امراته أسماء بنت عبدالرحمان بن الحارث بن هشام : أسببت حسينا ؟! قال : هو بدأ فسبّني ! قالـت : وان سبّك تسبّه ؟! وان سبّ أباك تسبّ أباه ؟!
وخرج الحسين وعبدالله بن الزبير من ليلتهما إلى مكة ، فاصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد ! وطُلب الحسين وابن الزبير فلم يُوجدا ، فقال المسوّر بن مخرمة : عجّل أبو عبدالله ، وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه إلى العراق ليخلو [ ٤٩ / ب ] بمكة.
فقدما مكة ، فنزل الحسين دار العباس بن عبدالمطّلب ، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري وجعل يحرّض الناس على بني اُميّة.
وكان يغدو ويروح إلى الحسين ويشير عليه أن يقدم العراق ! ويقول : هم شيعتك وشيعتك أبيك.
وكان عبدالله بن عباس ينهاه عن ذلك ، ويقول : لا تفعل. وقال له عبدالله بن مطيع (١) : أي فداك أبي واُمّي متّعنا بنفسك ، ولا تسر إلى العراق ، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتّخذنا خولاً وعبيداً.
__________________
(١) ترجم ابن سعد في الطبقات ٥ : ١٤٤ لعبدالله بن مطيع هذا ، وقال :
أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدّثني عبدالله بن جعفر بن أبي عون ، قال : لما خرج حسين بن علي من المدينة يريد مكة مرّ بابن مطيع وهو يحفر بئره ، فقال له : أين فداك أبي واُمّي ؟ قال : أردت مكة ... وذكر له انّه كتب إليه شيعته بها ، فقال له ابن مطيع : انى فداك أبي واُمي ، متعنا بنفسك ولا تسر إليهم ، فأبي حسين ، فقال له ابن مطيع : إنّ بئَري هذه قد رشحتها وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء ، فلو دعوت الله لنا فيها بالبركة ، قال : هات من مائها ، فاتي من مائها في الدلو فشرب منه ثمّ مضمض ثمّ ردّه في البئر فأعذب وأمهي.
حدّثنا محمد بن سعد ، قال : أخبرنا محمد بن عمر ، عن عبدالله ، عن أبيه ، قال : مرّ حسين بن علي على ابن مطيع وهو ببئره قد انبطها ، فنزل حسين عن راحلته فاحتمله ابن مطيع احتمالاً حتى وضعه على سريره ، ثمّ قال :
بأبي واُمّي أمسك علينا نفسك ، فوالله لئن قتلوك ليتّخذنّا هؤلاء القوم عبيداً.
ورواه ابن العديم في ترجمة الحسين عليهالسلام من كتابه بغية الطلب في تاريخ حلب ، المجلد : ٧ الورقة ٥١ / أ بإسناده عن ابن سعد.