أن يأكلوا بنا ، ويشيطوا دماءنا.
فأقام حسين [ ٤٨ / أ ] على ما هو عليه من الهموم ، مرة يريد أن يسير إليهم ومرة يجمع الإقامة.
فجاءه أبوسعيد الخدري ، فقال : يا باعبدالله إنّي لكم ناصح ، وإنّي عليكم مشفق ، وقد بلغني أنّه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك إلى الخروج إليهم ، فلا تخرج ، فإنّي سمعت أباك رحمهالله يقول بالكوفة : والله لقد مللتهم وابغضتهم ، وملّوني وابغضوني ، وما بلوت منهم وفاء ، ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب ، والله ما لهم (١) ثبات ، ولا عزم أمر ، ولا صبر على السيف.
قال : وقدم المسيّب بن نجبة الفزاري وعدّة معه إلى الحسين بعد وفاة الحسن فدعوه إلى خلع معاوية ، وقالوا : قد علمنا رأيك ورأي أخيك.
فقال : إنّي أرجو أن يعطي الله أخي على نيّته في حبه الكف ، وان يعطيني على نيّتي في حبي جهاد الظالمين.
وكتب مروان بن الحكم إلى معاوية : إنّي لست آمن أن يكون حسين مرصداً للفتنة ، واظنّ يومكم من حسين طويلاً.
فكتب معاوية إلى الحسين : إنّ من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء ، وقد اُنبئت أنّ قوماً من أهل الكوفة قد دعوك إلى الشقاق ، وأهل العراق من قد جرّبت ، قد أفسدوا على أبيك وأخيك ، فاتّق الله ! واذكر الميثاق ، فإنّك متى تكدني أكدك.
فكتب إليه الحسين : أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عنّي جدير ، والحسنات لا يهدي لها إلاّ الله ، وما [ ٤٨ / ب ] أردت لك محاربة ولا عليك خلافاً ، وما أظنّ لي عندالله عذراً في ترك جهادك ، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر الاُمّة.
فقال معاوية : ان أثرنا بأبي عبدالله إلاّ أسداً.
وكتب إليه معاوية أيضاً في بعض ما بلغه عنه : انّي لأظنّ انّ في رأسك
__________________
(١) في الأصل يقرأ : نيات.