عند قضاة الشرع الشريف بأمور أنكر بعضها واعترف ببعض.
هدم القبة (١)
فلما كان في يوم السبت ثاني شهر رجب توجه الشيخ كمال الدين (٢) بن أبي شريف ، وشيخ الإسلام النجمي بن جماعة ، ودقماق النائب وأزبك الخاصكي ، والقضاة والخاص والعام إلى دير صهيون ، وجلسوا بداخل القبة التي أحدثها النصارى ، وتكلموا في أمرها فتحرر من أمرها أن النصارى أنهوا أن بقرب دير صهيون قبرا يسمى القبر المنسي ، وأنه يقصد للزيارة وأن مرادهم البناء عليه ، وأثبتوا محضرا أن هذا المكان هو القبر المنسي ، فبنوا القبة المذكورة اعتمادا على أن القبر المنسي تحتها ، فلما جلس العلماء والقضاة لتحرير (٣) ذلك تبين الأمر بخلاف ما أنهوه ، بمقتضى أن القبر المنسي في موضع آخر بالقرب من القبة في حاكورة هناك (٤) ، وأمر مجهول لا يعلم ما هو ، وأن المدفون به حيث كان مسلما فلا دخل للنصارى في البناء عليه ، وتحرر أن محل القبة المذكورة إنما هو المكان الذي تزعم النصارى أنه مقام السيدة مريم ، عليها السلام ، وقد بنيت القبة على صفة الكنائس ، وبها هيكل إلى جهة الشرق ، فلما اتضح ذلك أقيمت البينة عند القاضي بدر الدين بن الحمامي الشافعي (٥) ، أن القبة المذكورة محدثة في دار الإسلام ، وأن المتولي لبنائها رئيس دير صهيون ، ورجل آخر من النصارى بسعيهما (٦) في ذلك ، وحضرا بالمجلس وسألهما القاضي عن ذلك ، فاعترفا ببنائها وأنهما المتسببان في ذلك ، فألزمهما هدمها (٧) ، ونفذ له بقية القضاة ما صدر في الإلزام بالهدم.
وأما القبو الذي يقال أن به قبر داود / / عليه السلام ، فتحرر من أمره أنه كان قديما بأيدي النصارى ، وحصل فيه نزاع كثير من المسلمين في الزمن السابق من نحو مائة سنة ، ورفع أمره إلى الملوك السالفة منهم الملك المؤيد شيخ ، والأشرف برسباي ، وغيرهما وكتب مراسيم شريفة (٨) في أمره ، وكثر النزاع في الزمن السالف
__________________
(١) هدم القبة أب ج د : مطموس في ه.
(٢) الشيخ كمال الدين بن أبي شريف أب : ـ ج د ه.
(٣) لتحرير أ: للتحرير ب ج د ه.
(٤) في حاكورة هناك أب : في موضع آخر بالقرب ج د : ـ ه.
(٥) ينظر : السخاوي ، الضوء ٣ / ١٣١.
(٦) بسعيهما أب ج د : ـ ه.
(٧) هدمها أ: بهدمها ب ج د ه.
(٨) شريفة أب : ـ ه / / السالف ب ج : السابق أه : ـ د.