الجمعة خامس عشري شعبان ، ومما تضمنه المرسوم عزل القاضي شمس الدين الديري الحنفي من قضاء (١) الحنيفية بالقدس الشريف ، وتجهيزه إلى الأبواب الشريفة فأعيد الجواب في التلطف (٢) في أمره واستمر مقيما إلى أن حصل الإنعام عليه بإعادته إلى وظيفته في أواخر شهر ذي القعدة ، وفي شهر ذي الحجة بعد عيد الأضحى توجه القاضي شمس الدين محمد بن مبارك (٣) المالكي إلى محل وطنه بغزة ، واستخلف عنه في الحكم القاضي كمال الدين أبو البركات ابن الشيخ خليفة على عادته.
ثم دخلت سنة ٨٩٥ ه (٤)
فيها قحط المطر ببيت المقدس حتى مضى غالب الشتاء ، وانزعج الناس لذلك وصاموا ثلاثة أيام ثم استسقوا في صبيحة يوم الأحد خامس عشر ربيع الآخرة بالصخرة الشريفة ، وخطب الخطيب شرف الدين بن جماعة خطبة بليغة وتضرع وابتهل ، وضج الناس إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء ودخلوا إلى الجامع الأقصى بالذكر والتهليل ، ثم انصرفوا ولم يسقوا في يومهم (٥) ، بجزع الناس لذلك وتضرعوا إلى الله تعالى فلما مضى النهار وأقبلت ليلة الاثنين أغاث الله عباده بالمطر الغزير ، فامتلأت الآبار ورويت الأرض وأظهر الله إجابة الدعوة (٦) من عباده الضعفاء ، فاطمأن الناس (٧) وحمدوا الله وأثنوا عليه وله الحمد والمنة ، وقيل : أنه كان عبدا أسودا سند ظهره إلى زيتونة من زيتون المسجد الأقصى وهو يتضرع إلى الله تعالى ويبكي فما أتم دعاءه إلا وقد نزلت الرحمة ، فرآه إنسان فاشتراه من سيده (٨) وأخبر بما رآه منه ، فبات تلك الليلة وقد توفي إلى رحمة الله تعالى ، فرأى سيده في ثاني ليلة في المنام العبد المذكور وهو يقول : روح للمكان الذي رأيتني به ، وابحش فيه فما رأيت به فخذه ، فانتبه ذلك الرجل وهو مذعور فلما أصبح الصباح راح إلى ذلك المكان وفعل كما قيل له في النوم ، وإذا هو بصره بها المبلغ الذي وزنه في ثمن
__________________
(١) قضاء أ: قضاه ب : ـ ج د ه.
(٢) في التلطف أب : ـ ج د ه / / بإعادته ب : بإعادة أ: ـ ج د ه.
(٣) مبارك أ: مازن ب : ج د ه.
(٤) ٨٩٥ ه / ١٤٨٩ م.
(٥) يومهم ب ج د ه : ـ أ.
(٦) الدعوة أ: الدعا ب ج ه : ـ د.
(٧) فاطمأن الناس ... وله الحمد والمنة ب د ه : ـ أج / / وقيل إنه كان ... وأثنوا عليه ، وله الحمد والمنة أ: ب ج د ه.
(٨) من سيده أ: ـ ب ج د ه.