كان يحفظ الشفاء غيبا (١) ، توفي في سنة ٨٧٣ (٢) ، بعد عزله من قضاء دمشق ، رحمه الله.
ثم ولي بعد عزله من قضاء القدس الشريف قاضي القضاة شمس الدين محمد البساطي المالكي ، وكان من أهل العلم ، ولايته في سنة ٨٤٦ ه (٣) ، وأقام مدة يسيرة.
قاضي القضاة شرف الدين أبو الروح عيسى بن شمس الدين محمد المغربي التجيبي (٤) المالكي (٥) ، الشيخ الإمام العلامة المحقق ، كان من أكابر أهل العلم ، ولي قضاء بيت المقدس بعد البساطي ، وكان له هيبة ، وكان متوليا في سنة ٨٤٧ (٦) ، وباشر بعفة وشهامة ، ولم يل منصب القضاء مثله في الفقه والتقوى والعلم وله وقع في القلوب ، كان من قضاة العدل العالمين العاملين لا يحابي (٧) أحدا في الحكم ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، ومما وقع له أن نائب القدس مبارك شاه (٨) حين ولي النيابة ودخل بيت الله المقدس ، ركب القضاة للقائه على العادة ، وألبس خلعة السلطان ، وكان قد أمسك جماعة من الفلاحين فلما وصل بهم إلى باب الخليل قصد (٩) شنقهم أو شنق واحد منهم ، فأمر (١٠) بذلك فتقدم إليه القاضي شرف الدين عيسى المالكي وقال له :/ / ما الذي تريد فعله (١١) بحضورنا ، فقال له النائب : اشنق هذا ، فقال : بأي طريقة تشنقه ، فقال : هذا حرامي قاتل نفس ، فقال له : هل ثبت عليه هذا بالطريق الشرعي ، فقال النائب : نحن لا نحتاج إلى ثبوت ، فقال القاضي : تهلك مسلما قتل عمد بحضوري بغير حق هذا لا سبيل إليه ، ولكن يدخل إلى المدينة ، وتنظر في أمره ، فإن ثبت عليه ما يقتضي قتله قتلناه ، وإلا فلا سبيل إلى قتله ، فشدد النائب في أمره ، وقال : لا بد من قتله ، فقال له القاضي : والله لو قتلته
__________________
(١) غيبا أج د ه : غائبا ب.
(٢) ٨٧٣ ه / ١٤٤٨ م.
(٣) ٨٤٦ ه / ١٤٤٢ م.
(٤) ينظر : السخاوي ، الضوء ٦ / ١٥٩.
(٥) التجيبي أج ه : الشحيني ب : ـ د.
(٦) ٨٤٧ ه / ١٤٤٣ م.
(٧) يحابي أب د : يخاف ج ه / / تأخذه أج د ه : يخاف ب.
(٨) ينظر : السخاوي ، الضوء ٦ / ٢٣٧ ، ١ / ٢٩٠.
(٩) قصد أب ج ه : أراد د.
(١٠) فأمر أب ج د : وأمر ه.
(١١) فعله د : تفعل أب ج ه / / بحضورنا أب ه : بحضرتنا ج د / / له ب ج : ـ أد ه / / النائب أ: ـ ب ج د ه / / تشنقه أب ج : ـ د ه / / هذا أد : هؤلاء ب ج ه.