وله اشتغال ورواية في الحديث ، وكان يقرأ صحيح البخاري في كل سنة بالصخرة الشريفة ، ويختمه بالجامع الأقصى ، وله شهامة ومروءة ومساعدة لأصحابه ، وقد حضرت مرة ختمه لصحيح البخاري بالمسجد الأقصى تجاه الشباك الذي عند جامع عمر في أواخر شهر رمضان سنة ٨٧٠ ه (١) ، وكان بالمجلس رجلا لا يحضرني من هو (٢) فأخذت الرجل سنة من النوم وقت الختم ، فرأى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وهو حاضر في المجلس ، فاستيقظ الرجل وقص الرؤيا على من حضر ، وكان مجلسا حافلا فحصل للقاضي شهاب الدين اللدي (٣) السرور بذلك ، وبكى هو ومن حضر بالمجلس ، وكانت ساعة (٤) عظيمة ، توفي في شهور سنة ٨٨٠ ه (٥) ، ودفن بالقلندرية بماملا.
وفي هذه السنة توفي القاضي كمال الدين (٦) محمد بن محمد بن محمد بن حامد الشافعي ، أمين الحكم العزيز والمتكلم على الأيتام بالقدس الشريف ، وكان من الرؤساء ببيت المقدس ، وعنده تواضع وتودد للناس (٧) ولين جانب ، توفي ابن عمه القاضي محب الدين محمد بن عبد الله بن حامد (٨) ، وكان من أعيان المباشرين على أوقاف القدس والخليل ، والشيخ محب الدين / / محمد بن القاضي شمس الدين محمد بن القاضي شهاب الدين أحمد بن عوجان العمري الشافعي ، وكان قد اشتغل بالعلم على مذهب الإمام الشافعي ، وخالف في ذلك والده وجده الآتي ذكرهما مع فقهاء المالكية ، وصار من المعيدين بالمدرسة الصلاحية ، ووفاته في ليلة الأحد ثاني شهر رمضان سنة ٨٨٠ ه عن خمس وأربعين سنة ، ودفن بماملا.
الشيخ الفاضل يوسف الكردي الشافعي (٩) كان من أهل الفضل ومن أعيان الفقهاء بالمدرسة الصلاحية ، وله مشاركة جيدة ، وكان يبحث في درس الصلاحية بحثا جيدا ، غير أن لسانه فيه ثقل ، فكان كلامه لا يفهمه إلا من له به خبره ، ومن أقرانه الشيخ الفاضل بدر الدين حسن الجزري النحوي الشافعي ، كان يحسن العربية ، واشتغل عليه كثير من الطلبة وانتفعوا به ، وكان من الفقهاء بالمدرسة الصلاحية.
__________________
(١) ٨٧٠ ه / ١٤٦٥ م.
(٢) من هو أب د : اسمه ه : ـ ج.
(٣) اللدي أ: ـ ب ج د ه.
(٤) ساعة ب ج د ه : جماعة أ/ / شهور أب : ربيع الأول ج د ه.
(٥) ٨٨٠ ه / ١٤٧٥ م.
(٦) كمال الدين أب ج ه : جمال الدين د.
(٧) وتودد الناس ... في مدة متقاربة بعد الثمانمائة بالقدس الشريف أب : ـ ج د ه.
(٨) ينظر : السخاوي ، الضوء ١٠ / ٥.
(٩) ينظر : السخاوي ، الضوء ١٠ / ٣٣٧.