الصلاحية ، وهو واعظ مدينة القدس ومفتيها وعالمها ، مولده في حدود سنة ٧٦٠ ه (١) في مدينة الرها ، قدم إلى بيت المقدس في سنة ٨١٥ ه (٢) ، فأكرمه الشيخان شمس الدين الهروي ، وشمس الدين الديري ، ووجدا فيه أهلية العلم ، فولاه الهروي إعادة بالصلاحية ، وجلس للوعظ يعظ الناس ، وكان له اشتغال قديم ، وفضل وسماع للحديث ، روى صحيح البخاري عن جماعة من أصحاب ابن الشحنة ، وكان خيّرا عاملا فاضلا ، مفتيا واعظا ، يعظ بطلاقة ، ومجون وجدل وهزل ، ولسمع مواعيده التفات ، ويأتي بغرائب ونوادر وأشعار مليحة ، توفي بالقدس الشريف في يوم عرفة من سنة ٨٤٥ ه (٣) // ، ودفن بماملا ، رحمه الله.
الشيخ الصالح عمر بن حاتم (٤) العجلوني ، الزاهد العابد الصامت العارف ، العالم الفاضل ، الأوحد بركة الوقت ، صاحب الكرامات والمجاهدات والمكاشفات ، خرج من بلده عجلون وورد إلى بلد سيدنا الخليل ، عليه السلام ، فنزل عند الشيخ عمر المجرد في زاويته ، وعقد الإيمان على نفسه أنه لا يأخذ من شعره ولا من ظفره ، ولا يغسل ثوبه ولا بدنه إلا من ضرورة شرعية ، إلى أن (٥) يحفظ القرآن العزيز وبرّ بقسمه ، فلما حفظ القرآن رجع إلى عجلون ، ثم توجه إلى حلب وأقام بها ، وأخذ في القيام (٦) بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ووقع له كرامات.
وكان الشيخ عز الدين القدسي يتأسف على عدم لقياه (٧) كثيرا ، وكان يقول : ما تأسفت على أحد مثل (٨) ما تأسفت عليه ، ويحكى عنه لطائف كثيرة ومكاشفات وأخبار عجيبة ، ومحاسن عديدة ، وكان يحفظ الاحياء (٩) ، والقوت (١٠) ، ورسالة
__________________
(١) ٧٦٠ ه / ١٣٥٨ م.
(٢) ٨١٥ ه / ١٤١٢ م.
(٣) ٨٤٥ ه / ١٤٤١ م.
(٤) الشيخ الصالح عمر بن حاتم أب : ج د ه / / الصامت أ: القانت ب ج د ه.
(٥) إلى أن يحفظ أ: حتى يحفظ ب ج د ه / / بقسمة أب : قسمه ج د ه.
(٦) القيام أب ه : ـ ج د / / بالأمر أب ه : في الأمر ج د.
(٧) لقياه أ: لقيه ب ج د ه.
(٨) مثل د ه : ـ أب ج / / ومحاسن أب د ه : مجالس ج.
(٩) إحياء علوم الدين للغزالي ، المتوفى سنة ٥٠٥ ه / ١١١١ م ، ينظر : حاجي خليفة ١ / ٢٣.
(١٠) قوت القلوب في معاملة الحبوب ، ووصف مقام المريد إلى مقام التوحيد في التصوف ، لأبي طالب محمد بن علي بن عطية العجمي ، المتوفى سنة ٣٨٦ ه / ٩٩٦ م ، ينظر : حاجي خليفة ٢ / ١٣٦١.