٨٠٣ ه (١) ودفن بماملا شرقي البركة وهو والد الشيخيين الصالحين الشيخ أبي بكر والشيخ علي ، الآتي ذكرهما ، فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ومن أقاربهم الشيخ كمال الدين (٢) من أجلاء الرجال ذوي الأحوال والمكاشفات ، وكان الغالب عليه الجدب ومحاسبة النفس ، غضب يوما على إنسان فنظر إليه نظرة غضب فمات لوقته ، وله تصرفات وحالات لا تسعها الإفهام ، توفي وله نيف وخمسون سنة ، وأخبرت أن وفاته بعد الثمانمائة ، ودفن بظاهر القدس عند برج عرب على طريق المار إلى قرية لفتا (٣).
وأما ضريح شرفات فقد حوى (٤) من البدرية ، المشار إليهم ، عدة أربعين لا تكاد تحصى مناقبهم لكثرتها ، رحمهم الله ورضي عنهم ، ونفعنا بهم بمنه وكرمه.
الشيخ علي البكا (٥) ، صاحب الزاوية بمدينة سيدنا الخليل ، عليه السلام ، كان مشهورا بالصلاح والعبادة ، وإطعام من يجتاز به من المارة والزوار ، وكان الملك المنصور قلاوون (٦) يثني عليه ويذكر أنه اجتمع به وهو أمير وأنه كاشفه في أشياء وقعت.
وسبب بكائه الكثير أنه : صحب رجلا كانت له أحوال ، وخرج معه من بغداد ، فوصلا في ساعة واحدة إلى بلد بينها وبين بغداد مسيرة سنة ، فقال له ذلك الرجل : أني سأموت في الوقت الفلاني فاشهدني ، فلما كان ذلك الوقت حضر عنده وهو في السياق ، وقد استدار إلى الشرق فحوله الشيخ على القبلة ، فقال له : لا تتعب فإني لا أموت إلا على هذا الوجه ، وجعل يتكلم بكلام الرهبان حتى مات ، فحمله الشيخ علي وجاء به إلى دير هناك ، فوجد أهل الدير في حزن عظيم فقال : ما شأنكم؟ قالوا : كان عندنا شيخ كبير ابن مائة سنة ، فلما كان اليوم مات على دين الإسلام ، فقال الشيخ علي : خذوا هذا بدله وسلموه إليه فوليه وصلى عليه ودفنه.
__________________
(١) ٨٠٣ ه / ١٤٠٠ م.
(٢) كمال الدين أب ج : الشيخ الكمالي د ه.
(٣) لفتا : قرية فلسطينية إلى الشمال الغربي من القدس على مسافة ٣ كم ، احتلت سنة ١٩٤٨ ؛ ينظر : الدباغ ٢ / ١٠٣ ؛ أبو حمود ١٨٥ ؛ خمار ٢١٠.
(٤) فقد حوى ب ج ه : فقد جرى ى : فقيه د.
(٥) علي البكا : أحد مشايخ الخليل اشترك في الحروب مع الإفرنج وخاصة معركة أرسوف أيام الظاهر بيبرس وتوفي عام ٦٧٠ ه / ١٢٧١ م ؛ ينظر : أبو سارة ٢٧.
(٦) قلاوون ب ج د ه : قلاون أ.