المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد رب العالمين ، والصّلاة والسلام على سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم الأمين ، وعلى آله وأصحابه وأنصاره ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
الحمد لله الذي جعل الأرض مهادا القائل في كتابه العزيز : (أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً)(١) ، وجعل الجبال أوتادا : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً)(٢) ، وبثّ من ذلك نشوزا (٣) ووهادا (٤) ، وصحارى وبلادا ، ثم فجّر خلال ذلك أنهارا ، وأسال أودية وبحارا ، وهدى عباده إلى اتخاذ المساكن ، وإحكام الأبنية والمواطن ، فشيدوا البنيان ، وعمّروا البلدان ، ونحتوا من الجبال بيوتا : (تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً)(٥) ، واستنبطوا آبارا ، وجعل حرصهم على تشييد ما شيّدوا ، وإحكام ما بنوا وعمّروا ، عبرة للغافلين ، وتبصرة للغابرين ، فقال الله جل جلاله وهو أصدق القائلين :
(أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ)(٦)
__________________
(١) سورة النبأ الآية ٦. (مِهاداً :) فراشا موطأ للاسقرار عليها.
(٢) سورة النبأ الآية ٧. (أَوْتاداً :) كالأوتاد للأرض لئلا تميد.
(٣) النشوز : المرتفع.
(٤) الوهاد : المفرد وهدة : الأرض المنخفضة كأنها حفرة ، والهوة تكون في الأرض.
(٥) سورة الأعراف الآية ٧٤ ، وقال تعالى في سورة الحجر الآية ٨٢ : (وَكانُوا يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً.)
(٦) سورة يوسف الآية ١٠٩.