هذه شيمهم
وأخلاقهم ، وفيهم من بعد كتاب الله خير الكتب ، ورسوله سيد الرسل ، ودينه ناسخ
الأديان ، وفي جميع ما ذكرناه من أشعارهم ما يدل على صحته ، لكن المختار منه يأتي
في الكلام على الفصاحة من هذا الكتاب بمشيئة الله تعالى ، فلذلك لم نورده هنا خوفا
من الإعادة ، وفرارا من التكرار.
ونعود
إلى الكلام في اللغة ، قالوا : مما اختصت به لغة العرب من الحروف وليس هو في غيرها حرف
الظاء ، وقال آخرون : حرف الظاء والضاد ، ولذلك قال أبو الطيب المتنبي :
وبهم فخر كل من نطق الضاد
يريد ـ وبهم
فخر ـ جميع العرب ، وقد ذهب قوم إلى أن الحاء من جملة ما تفردت به لغة العرب ،
وليس الأمر كذلك ، لأني وجدتها في اللغة السريانية كثيرا ، وحكي أنها في الحبشية
والعبرانية ، وأما العين والصاد والطاء والتاء والقاف فقد تكلم بها غير العرب ،
إلا أنها قليل.
وقد خلت اللغة
العربية من حروف توجد في غيرها من اللغات ، لا سيما لغة الأرمن ، فإنها على ما قيل
ستة وثلاثون حرفا ، إلا أنّك إذا تأملتها وجدت بعض الحروف التي فيها يتشابه ببعض
كثيرا ، على حد تشابه الظاء والضاد في لغة العرب ، فإن هذين الحرفين متقاربان ،
لأجل ذلك احتاج الناس إلى تصنيف الكتب في الفرق بينهما. ولم يتكلفوا ذلك في غيرهما
من الحروف.
فأما الأعراب
فقلّ من رأيت من فصحائهم اليوم من يفرق بينهما في كلامه ، وهذا يدلك على شدة
التشابه ، وقوة التماثل ، ولست أقول هذا على وجه الاحتجاج بكلامهم فإنهم الآن
محتاجون إلى اقتباس اللغة من الحضر وإصلاح المنطق بأهل المدر ،
__________________