قائمة الکتاب
5 ـ فصل في الكلام
٢٨
إعدادات
سرّ الفصاحة
سرّ الفصاحة
المؤلف :أبي محمّد عبد الله بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي
الموضوع :اللغة والبلاغة
الناشر :دار الفكر ناشرون وموزعون
الصفحات :327
تحمیل
فإذا جاز هذا في الأصل فهو فيما ينوب أسوغ وأليق.
وأما قوله : إنهم لم ينطقوا في الكلام إلا بفعّل التي هي للتكثير لشرف الكلام عندهم ، فذلك هو الحجة في إطلاق لفظ الكلام وتكلّم على القليل الذي ليس بمفيد لما ذكره من الشرف والمبالغة.
وأما استدلاله على شرف الكلام عندهم بالأبيات التي ذكرها فمما يمكن إيراد مثله ، إلا أن ذكره :
ومما كانت الحكماء قالت |
|
لسان المرء من خدم الفؤاد (١) |
لا أعلم موقع الدلالة منه على شرف الكلام ، وهو بالدلالة على تشريف الفؤاد والوضع من اللسان بأنه خادمه أليق.
وأما قوله : إنهم يقولون للإنسان الذي يورد ما تقل فائدته : هذا ليس بكلام ، قلنا : ذلك وأمثاله إنما يورد على سبيل الجواز والإسراف في المبالغة ، كما يقال للرجل البليد : ليس بإنسان ، وللفرس البطيء : ليس بفرس ، لا أنّ ذلك على الحقيقة ، وهذا ممّا لا تدخل في مثله شبهة.
وأما قوله : إن العرب ، لشرف الكلام عندهم وأن القليل المفيد منه كثير ، يقولون : قال فلان في كلمته ، يريدون القصيدة ، فذلك كله وأمثاله هو الوجه في اقتصارهم على لفظ التكثير في الكلام ، أفاد أو لم يفد ، دون الألفاظ التي لم توضع للتكثير.
وقد حدّ الكلام بحدود غير صحيحة ، كحد بعض النحويين له بأنه فعل المتكلم ، وذلك ينتقض بجميع أفعاله الحادثة منه في حال كلامه ، كالضرب وما أشبهه ، على أن من عقل كونه متكلما عقل الكلام ولم يحتج إلى حده ، وكذلك حد بعض المتكلمين له بأنّه ما أوجب كون المتكلم متكلما ، وقول غيره : ما يقوم بذات المتكلم ، لأن هذا كله فرع على عقل المتكلم وتحققه ، وذلك لا يتم إلا بعد المعرفة بالكلام ، وما يقوم
__________________
(١) سبق تخريجه ص ٣١.