إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

سرّ الفصاحة

208/327
*

المساواة :

فأما المساواة بين اللفظ والمعنى فكما وصف بعض الأدباء رجلا فقال : كانت ألفاظه قوالب لمعانيه ، أي هي مساوية لها لا يفضل أحدهما على الآخر ، وحدّ المساواة المحمود هو «إيضاح المعنى باللفظ الذي لا يزيد عنه ولا ينقص». وقد احترزت بقولي : (إيضاح) مما احترزت منه عند (١) حد الإيجاز ، لما أذهب إليه من قبح العبارة عن المعنى باللفظ الذي لا يوضحه ، وفرّقت بين المساواة والتذييل بقولي : لا يزيد عنه ؛ لأن التذييل لفظ يزيد على المعنى ، وفرقت بين الإيجاز والإخلال بقولي : ولا ينقص ؛ لأن الإيجاز على ما ذكرناه إيضاح المعنى بأقل ما يمكن من اللفظ ، والإخلال هو نقص المعنى باختصار اللفظ ، فقد فهم ـ بهذا القول الإيجاز والإخلال والمساواة والتذييل ، ولكل من ذلك أمثلة.

فأما أمثلة الإيجاز والإخلال فقد ذكرناها ، وأما أمثلة المساواة فكثيرة ، ومنها قول زهير :

ومهما تكن عند امرىء من خليقة

ولو خالها تخفى على الناس تعلم (٢)

وقوله أيضا :

إذا أنت لم تقصر عن الجهل والخنا

أصبت حليما أو أصابك جاهل (٣)

وقول طرفة بن العبد :

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (٤)

__________________

(١) ينظر ص ٢٠١ حيث عرّف الإيجاز.

(٢) «ديوان زهير». وانظر «خزانة الأدب» (٩ / ٢٧) ، «المعجم المفصل» (٧ / ٤٠٩).

(٣) «ديوان زهير» ص ١٠١. وانظر «المعجم المفصل» (٦ / ٢٨٢).

(٤) «شرح المعلقات السبع» للزوزني ص ٢١٥.