بسم الله الرّحمن
الرّحيم
وبه أثق
الحمد لله الذي
هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، لقد جاءت رسل ربنا بالحق ،
صلوات الله عليهم وعلى سيدهم محمد ، والأبرار من عترته الذين أذهب عنهم الرجس
وطهّرهم تطهيرا.
أما بعد ،
فإني لما رأيت
الناس مختلفين في مائية الفصاحة وحقيقتها أودعت كتابي هذا طرفا من شانها ،
وجملة من بيانها ، وقربت ذلك على الناظر ، وأوضحته للمتأمل ، ولم أمل بالاختصار
إلى الإخلال ، ولا مع الإسهاب إلى الإملال ، ومن الله تعالى أستمد المعونة
والتوفيق.
اعلم أن الغرض
بهذا الكتاب معرفة حقيقة الفصاحة ، والعلم بسرها ، فمن الواجب أن نبين ثمرة ذلك
وفائدته ، لتقع الرغبة فيه ، فنقول :
أما العلوم
الأدبية فالأمر في تأثير هذا العلم فيها واضح ، لأن الزّبدة منها والنّكتة ؛ نظم
الكلام على اختلاف تأليفه ، ونقده ومعرفة ما يختار منه مما يكره ، وكلا الأمرين
متعلق بالفصاحة ، بل هو مقصور على المعرفة بها ، فلا غنى للمنتحل الأدب عما نوضحه
في هذا الباب.
وأما العلوم
الشرعية فالمعجز الدال على نبوة محمد نبينا صلىاللهعليهوسلم وعلى آله وسلم هو القرآن ، والخلاف الظاهر فيما به كان
معجزا على قولين : أحدهما : أنه خرق العادة بفصاحته وجرى ذلك مجرى قلب العصاحيّة ، وليس للذاهب إلى هذا المذهب مندوحة عن بيان ما
الفصاحة التي وقع التزايد فيها موقعا خرج عن مقدور البشر.
__________________