جار على طريقه ، والمراد به : كيف تكون المنية غير العشق؟ أي : أن الأمر
الذي يقدر في النفوس أنه في أعلى مراتب الشدة هو الموت ، ولما ذقت العشق فعرفت
شدته عجبت كيف يكون هذا الأمر الصعب المتفق على شدته غير العشق ، وكيف يجوز ألا
تعم علته حتى تكون منايا الناس كلهم به ، وكان هذا أشبه بمراد أبي الطيب من حمل
الكلام على القلب.
فأما
قول الله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ
لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ) [القصص : ٧٦].
فليس من هذا
بشيء ، وإنما المراد ـ والله أعلم ـ أنّ المفاتح تنوء بالعصبة أي : تميلها من
ثقلها ، وقد ذكر هذا الفراء وغيره ، وكذلك قوله عزّ اسمه :
(وَإِنَّهُ لِحُبِّ
الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) [العاديات : ٨] ليس ـ على ما يزعم بعضهم ـ المراد به وإن حبه للخير لشديد ،
بل المقصود به أنه لحب المال لبخيل ، والشدة : البخل ، أي : من حبه للمال يبخل .
فأما
قول الحطيئة :
فلما خشيت
الهون والعير ممسك
|
|
على رغمه ما
أمسك الحبل حافره
|
فقد قيل فيه :
إنّ الحبل إذا أمسك الحافر فالحافر أيضا قد شغل الحبل ، فعلى هذا ليس بمقلوب.
وكذلك قول أبي
النجم :
قبل دنوّ الأفق من جوزائه
لأن الجوزاء إذا
دنت من الأفق فقد دنا منها.
__________________