فأما قوله تعالى : (تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ) [المؤمنين : ٢٠] فذهب كثير من الناس إلى أن الباء فيه زائدة ، وأن تقديره : «تنبت الدّهن».
وكذلك قول عنترة (١) :
شربت بماء الدّحرضين فأصبحت |
|
زوراء تنفر عن حياض الدّيلم (٢) |
قالوا : أراد : شربت ماء الدّحرضين. وهذا عند حذّاق أصحابنا على غير وجه الزيادة ، وإنما تأويله عندهم ـ والله أعلم ـ تنبت ما تنبته والدّهن فيها ، كما تقول : خرج زيد بثيابه ، أي وثيابه عليه ، وركب الأمير بسيفه ، أي وسيفه معه.
وكما أنشد الأصمعيّ :
ومستنّة كاستنان الخرو |
|
ف قد قطع الحبل بالمرود (٣) |
أي قطع الحبل ومروده فيه.
__________________
(١) عنترة : هو عنترة بن شداد بن قراد العبسي أحد فرسان العرب وشعرائها ، أحب ابنة عمه عبلة وقال فيها الشعر متغزلا بجمالها ، وقد طال عمره حتى ضعف جسمه وعجز عن شن الغارات ومات قبيل البعثة.
(٢) البيت من قصيدة لعنترة طويلة مطلعها :
هل غادر الشعراء من متردم |
|
أم هل عرفت الدار بعد توهم |
والبيت هو رقم (٢٩) منها. والدحرضان : اسم مورد من موارد الماء. زوراء : عوجاء مائلة من النشاط. اللسان (٣ / ١٨٨٧) مادة (زور). الديلم : اسم عدوه وهو الديلم بن باسل بن ضبة. الشرح : لقد ارتوت من حياض الدحرضين فلما رأت حياض الديلم تجافت عنها لخوفها منها. والشاهد في قوله «بماء» فقد وردت الباء وهي حرف جر زائد ، والتقدير «شربت ماء».
(٣) البيت لرجل من بني الحارث ، كما حكاه الأصمعي في كتاب الفرس ، وبعده :
دفوع الأصابع ضرح الشمو |
|
س نجلاء مؤيسة العود |
مستنة : يريد طعنة ، والاستنان : المر على وجهه ، أي أن دمها مر على وجهه. الخروف : ولد الحمل وقيل : هو الجذع من الضأن خاصة. اللسان (٢ / ١١٤٠). المرود : حديدة توتد في الأرض ، يشد فيها حبل الدابة. اللسان (٣ / ١٧٧٤). والشاهد في قوله «بالمرود» أي قطع الحبل بمروده.