فأوصلوا هذه الأفعال إلى ما بعد هذه الواو ، بتوسط الواو ، وإيصالها للفعل إلى ما بعدها من الأسماء.
وقالوا أيضا : قام القوم إلا زيدا ، ومررت بالقوم إلا بكرا ، فأوصلوا الفعل إلى ما بعد إلا بتوسط إلا بين الفعل وبين ما بعدها من الأسماء ، وذلك لضعف الأفعال قبل الواو وإلا عن وصولها إلى ما بعدهما ، كما ضعفت الأفعال قبل حروف الجرّ عن مباشرتها الأسماء ، ونصبها إياها ، فلم لم يجر هذان الحرفان ، أعني الواو وإلا ، مجرى حروف الجرّ ، في أن جرّ بهما ما بعدهما ، كما جرّ بحروف الجرّ ما بعدها؟ وهلّا لمّا أوصلوا الأفعال قبل هذين الحرفين إلى الأسماء التي بعدهما ، ولم يجرّوا بهما ، بل أفضى نصب الفعل بهما إلى ما بعدهما ، أوصلوا الأفعال التي قبل حروف الجرّ إلى الأسماء التي بعدها ، وأظهروا نصب الفعل الأسماء التي بعد حروف الجر ، فقالوا : مررت بزيدا ، ونظرت إلى بكرا ، كما قالوا : قمت وزيدا ، وقام القوم إلا بكرا؟ وما الفرق بين الموضعين؟
فالجواب : أن الواو وإلا يفارقان حروف الجرّ في ذلك.
أما الواو مع المفعول معه في نحو : قمت وزيدا ، فجارية هنا مجرى حروف العطف ، الدلالة على ذلك أن العرب لم تستعملها قطّ (١) بمعنى مع ، إلا في الموضع الذي لو استعملت فيه عاطفة لصلحت.
ألا ترى أنك إذا قلت : قمت وزيدا ، أي مع زيد ، قد كان يجوز لك فيه أن تقول : قمت وزيد ، فتعطف زيدا على ضمير الفاعل ، وكذلك قولهم : لو تركت الناقة وفصيلها لرضعها ، قد كان يجوز لك أن تعطف فتقول : وفصيلها. وكذلك قولهم : جاء البرد والطيالسة ، قد كان يجوز أن تقول : والطيالسة ، فترفع على العطف.
فلما كانت الواو في المفعول معه جارية مجرى حروف العطف ، وحروف العطف غير عاملة جرا ولا غيره ، لم يجز أن يجرّ بها إذا أوصلت الفعل إلى المفعول معه ، كما يجرّ بحروف الجرّ ، لأنها قد أوصلت الأفعال.
__________________
(١) قط : يقال ما فعلت هذا قط : أي فيما مضى. مادة (قط). اللسان (٥ / ٣٦٧٢).