وعبد الله بن المبارك قالوا : إذا روينا في الحلال والحرام شددنا ، وإذا روينا في الفضائل ونحوها تساهلنا (١).
وللعلماء في الاستناد إلى القاعدة المذكورة ، وبالأحرى في تأسيسها أدلة عقلية ونقلية يمكن تلخيصها بما يلي :
١ ـ ان الاقدام على محتمل المنفعة ومأمون المضرة عنوان لا ريب في حسنه ولا فرق عند العقل بينه وبين الاحتراز عن محتمل الضرر.
٢ ـ الأخبار الواردة بعنوان من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله شئ من الثواب فعمله كان ذلك له ، وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله ، لكشف العمل عن الانقياد والطاعة للرسول صلىاللهعليهوآله(٢).
٣ ـ الاجماعات المنقولة المعتضدة بالشهرة العظيمة ، بل الاتفاق المحقق ومهما نوقشت تلك الأدلة فقد أجيب عن المناقشات بما لا مجال لذكره وقد كتب في الموضوع عدة بحوث ورسائل لعلها أوفاها ما كتبه الشيخ المرتضى الأنصاري قدسسره. وقد طبعت رسالته في الموضوع ضمن أوثق الوسائل من ص ٢٩٩ إلى ص ٣٠٧.
وبناءا على جميع ذلك فقد اعتمد الكتابين كل من تأخر من أصحاب الجوامع الحديثية كالشيخ الحر العاملي في الوسائل والمجلسي في بحار الأنوار ، والمحدث النوري في المستدرك سوى غيرهم ممن اعتمدهما وأخرج عنهما في مؤلفه ، لان جل ما جاء فيهما مما كان مقبول المتن والسند معا.
فكل منهما بجملته نافع مفيد في بابه ، فهو سلوة الحائر الجازع ، ومصلح الخائر المائع ، فيه ترقيق القلب القاسي ، وتزهيد عن فضول الحطام وزجر عن المعاصي والآثام تسكن إليه النفوس عند اضطرابها ، وتجد فيه هديها وصوابها.
__________________
(١) تدريب الراوي للسيوطي ص ١٩٦ الطبعة الأولى سنة ١٣٧٩ ه
(٢) المحاسن للبرقي ج ١ ص ٢٥ كتاب (ثواب الأعمال)