وظاهرٌ من هذه الرواية أنّه لم يحفظ القرآن ولم يكتبه غير عائشة ، وهو أمرٌ في غاية البعد والغرابة ، فأين سائر الصحابة والحُفّاظ والكتبة منهم ، قال السرخسي : «حديث عائشة لا يكاد يصحّ ؛ لأنّ بهذا لا ينعدم حفظه من القلوب ، ولا يتعذّر عليهم به إثباته في صحيفة أُخرىٰ ، فعرفنا أنّه لا أصل لهذا الحديث » (١). أمّا بالنسبة لآية الرجم المذكورة في الحديث فقد تقدم أنّه لا يصحّ اعتبارها قرآنا لكونها من أخبار الآحاد ، وحكم الرجم من السنن الثابتة عن الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ثم إنّ هذا الحكم ـ في رضاع الكبير عشراً ـ قد انفردت به عائشة ، وعارضها فيه سائر أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولم تأخذ واحدة منهنّ بقولها في ذلك ، وأنكره أيضاً ابن مسعود علىٰ أبي موسىٰ الأشعري ، وقال : « إنّما الرضاعة ما أنبت اللحم والدم » فرجع أبو موسىٰ عن القول به (٢).
عن حميدة بنت أبي يونس ، قالت : « قرأ عليّ أبي ، وهو ابن ثمانين سنة ، في مصحف عائشة : إنّ الله وملائكته يصلّون علىٰ النبيّ يا أيُّها الذين آمنوا صلوا عليه وسلّموا تسليماً وعلى الذين يصلون في الصفوف الأولىٰ ». قالت : « قبل أن يغيّر عثمان المصاحف » (٣).
وظاهر أنّ هذا من الآحاد التي لايثبت بها قرآن ، وإلّا فكيف فات هذا
______________________
١١٣.
(١) أُصول السرخسي ٢ : ٧٩.
(٢) جامع بيان العلم ٢ : ١٠٥.
(٣) الاتقان ٣ : ٨٢.