الذي نفته الآية عن الكتاب ، أنّ الآية وصفت الكتاب بالعِزّة ، وعزّة الشيء تقتضي المحافظة عليه من التغيير والضياع والتلاعب ، ومن التصرف فيه بما يشينه ويحطّ من كرامته وإلىٰ الأبد.
٣ ـ قوله تعالىٰ : ( إنَّ عَلَينا جَمعَهُ وقُرآنَهُ * فإذا قَرَأناهُ فَاتَّبِعْ قُرآنَهُ * ثُمَّ إنَّ عَلَينا بَيَانَهُ ) ( القيامة ٧٥ : ١٧ ـ ١٩ ).
فعن ابن عباس وغيره : إنّ المعنىٰ : إنّ علينا جَمْعَهُ وقُرآنَهُ عليك حتّىٰ تحفظه ويمكنك تلاوته ، فلا تخف فوت شيءٍ منه (١).
٤ ـ حديث الثقلين ، حيث تواتر من طرق الفريقين أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين : كتابُ الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إنّ تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي » (٢).
وهذا يقتضي أن يكون القرآن الكريم مدوّناً في عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم بجميع آياته وسوره حتّىٰ يصحّ إطلاق اسم الكتاب عليه ، ويقتضي أيضاً بقاء القرآن كما كان عليه علىٰ عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم إلىٰ يوم القيامة لتتمّ به ـ وبالعترة ـ الهداية الأبدية للأُمّة الإسلامية والبشرية جمعاء ماداموا متمسّكين بهما ، وإلّا فلا معنى للأمر باتّباع القرآن والرجوع إليه والتمسّك به ، إذا كان الآمر
______________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٦٠٠.
(٢) هذا الحديث متواتر مشهور ، رواه الحفّاظ والمحدّثون عن نحو ثلاثين صحابياً ، وللحافظ ابن القيسراني ( ٤٤٨ ـ ٥٠٧ ه ) كتاب في طرق هذا الحديث ، وقد بحث السيد علي الميلاني هذا الحديث سنداً ودلالة في ثلاثة أجزاء من كتابه ( نفحات الازهار في خلاصة عبقات الأنوار في إمامة الأئمة الأطهار ) ، وأُنظر أهل البيت في المكتبة العربية رقم ٢٩٨ للسيد عبدالعزيز الطباطبائي رضياللهعنه.